أثير- عبدالرزّاق الربيعي
أثار خبر فوز (ذكر) هولندي بلقب (ملكة جمال هولندا) حفيظة المشاركات كونه دخلها بصفته أنثى كاملة الدلال والغنج، وقد تحوّل هذا التحفظ إلى جدل في مواقع التواصل الاجتماعي، وبين هذا وذاك، يمكننا أن نتساءل: هل أن هذا الخبر سيقلب معادلة الجمال في الغرب الذي فتح ذراعيه اليوم للمتحوّلين جنسيا، وقام باحتضانهم، بكلّ ما أوتي من قوّة، وسطوة، وصار يعادي كل من ينادي بالعودة للفطرة الإنسانية؟ وماذا لو فاز هذا (الذكر) بلقب (ملكة جمال الكون) لاسيما أنه صار مؤهلا لها؟ هل ستتنحّى المرأة جانبا في مسابقات الجمال، ويدخل (الرجل المتحوّل) منافسا لها؟ وهل سيعود الشعراء للغزل بالمذكر على طريقة أبي نواس الذي قال:
منْ يكنْ يعْشَقُ النّساءَ فإنّي
مُولَعُ القلْبِ بالغلامِ الظريفِ
الكثيرون شكّكوا بجدارة هذا (الذكر) الذي فاز على جميلات هولندا الممشوقات القوام، الرقيقات، الملهمات، ذوات العيون الزرق، ونحن من المشكّكين، مع عدم احترامنا للجنة التحكيم، فالوقائع تشير إلى أنّ الفوز جاء منسجما مع توجّهات عالمية، وحملات دولية، تقضي بتكريس وسائل الإعلام ومناهج التربية والتعليم للترويج لبضاعة الشاذين جنسيا، وسنّ قوانين، تحميهم، وتطالب بحقوقهم، وتعاقب كلّ من ينتهكها، وتعدها من الحقوق المدنية المصانة، أمّا القوالب الأخلاقية المعروفة منذ بدء الخليقة، فهي بنظر جماعات من الناشطين إرثا ثقيلا عفا عليه الزمن ويظلّ يعشعش في مجتمعات لا تساير العالم الحديث، لم لا؟ ورئيس أكبر قوة مهيمنة على العالم، وهو الرئيس الأمريكي جو بايدن صرح الشهر الماضي ” إن أمريكا دولة المثليين” وقام بالتوقيع على قانون يمنح الحماية الفيدرالية للزواج من الجنس نفسه في أمريكا، وفرض على كلّ الأمريكان والمقيمين على أرض أمريكا الاعتراف بالمثليّة، واعتباره شرطا من شروط الإقامة، مثلما تشترط فرنسا على حاملي جنسيتها والمقيمين على أرضها الاعتراف بالمثلية، بل إن البرلمان الفرنسي أقرّ أنّ من شروط الحصول على الجنسية الفرنسية الاعتراف بالمثلية، وإدراج مادة للمثلية الجنسية ضمن المناهج الدراسية المقررة، لنشر الشذوذ الجنسي، وفرض قانون “معاداة المثلية” على العالم.
والخطر يشمل الأطفال، مع إعلان رئيسة شركة ديزني العالمية كايتي بيرك أن” المثلية ستكون ضمن 50% من نتاجاتها القادمة وهذا التصريح يعني أن الأجيال الجديدة في خطر، وأن تبيع شركة أمريكية ملابس الأطفال بألوان المثليين، وخلف هذه التوجّهات تكمن غايات انتخابية، و”وكلّ يغني على ليلاه”، وقد يذهب البعض إلى أبعد من ذلك ويرى أن هدفها الحدّ من النسل، والانفجار السكاني، وانفراد الأقوى والأصلح بالكوكب عبر شن حروب أخلاقية تضرب إنسان كوكبنا في الصميم، وتجعله يتجرد من أخلاقياته وثوابته والفطرة التي فطره عليها خالقه، وهذه تندرج ضمن الحروب الناعمة، التي امتدّت إلى دول إسلامية كتركيا التي رفع فيها علم الشواذ، وسمحت بزواج الشواذ، وهو ما تحرّمه جميع الأديان السماوية فالنبي (ص) بُعث لكي “يتمّم مكارم الأخلاق” و”هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله” – الصف : 61″.
ورغم أن سموم هذه الحروب بدأت تمتدّ لتشمل دولا عربية، لكنّ التركيبة المحافظة لمجتمعاتنا كفيلة بصدّ هذه الهجمات مع أخذ الحيطة والحذر، فمن يجد الأبواب مغلقة قد يتسلل من النوافذ أو من شق في جدار، وسنظلّ محافظين على قيمنا وأخلاقياتنا تاركين الخلق للخالق.