بين التعتيم والتضليل، تسريباتٌ تتحدث عن فاتورة الحرب التي يدفعها الاحتلال الإسرائيلي

أثير – أحمد نجفي

إعلامي إيراني

مع إعلان واشنطن وقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب، بدأت بعض المعلومات تتسرب من الصحافة الإسرائيلية والعالمية عن حجم الخسائر التي تعرض لها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على إيران

تأتي هذه الإحصاءات التي رصدتها ”أثير“، على الرغم من التعتيم الإسرائيلي الكثيف على المعلومات المتعلقة بخسائر الحرب جراء الرقابة العسكرية الصارمة التي تمنع نشر أي صورٍ ومقاطع فيديو ومعلومات عن حجم الدمار والخسائر في المدن ومختلف مناطق الأراضي المحتلة. بينما يعمل العدو على تضخيم إنجازاته وتكرار الادعاء بتعطيل البرنامج النووي الإيراني والإضرار بالبرنامج الباليستي الإيراني، التي يسميها الخطر النووي والصاروخي.

إستراتيجية الحرب النفسية

يُوضح خبراء أن العدو ينتهج استراتيجية مركبة في مجال الحرب النفسية والمعلوماتية مكونة من خمسة أجزاءٍ، وهي:

• التعتيم الإعلامي، لا سيما فيما يتعلق بأعداد القتلى
• التجزئة، أي عدم نشر العدد الكامل للقتلى والجرحى ونشرها على دفعاتٍ
• التشكيك وتحويل الأنظار عبر التركيز على الروايات الإنسانية والأطفال وغيرهم
• التضليل عبر نشر أرقامٍ غير حقيقية وتصنيف باقي قتلاه ضمن حوادث الطرق والوفيات الطبيعية
• التركيز على قانون منع النشر.

أضرارٌ فادحةٌ نتيجة الضربات الشاملة

لكن رغم كل ذلك، تخرج بين الحين والآخر تسريباتٌ إعلامية تظهر مدى فداحة الوضع في الأراضي المحتلة جراء الرد الإيراني على العدوان الصهيوني، ما يُظهر أن خسائر إسرائيل في حربها مع إيران، أكبر بكثير مما يُعلَن. وأفضل إثباتٍ على ذلك هو شمول الضربات الإيرانية كامل الأراضي المحتلة من شمالها إلى الجنوب، حيث استهدفت الصواريخ والمسيرات الإيرانية في نحو عشرين دفعة مدن تل أبيب وحيفا وبئر السبع والقدس وعسقلان وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكانت الضربات موجهة إلى بنكٍ واسعٍ من الأهداف ذات الأهمية العسكرية والاستراتيجية، حيث أعلنت طهران استهداف مبانٍ ومراكز قيادة عسكرية وأمنية، منها ”الموساد“ و”أمان”، إلى جانب منشآتٍ اقتصادية، بينها مصافٍ نفطية ومنشآتٌ حيوية، وكذلك مؤسساتٌ بحثيةٌ وتقنيةٌ، على رأسها مؤسسة وايزمن.

تكاليف الحرب والخسائر الاقتصادية

في إطار هذه التسريبات، كشفت صحيفة ذا ماركر الإسرائيلية أن كلفة الحرب على إيران بلغت 5 مليارات شيكل (1,42 مليار دولار)، ما يعادل ضعفي خسائر الحرب على غزة المستمرة منذ عشرين شهرًا. بينما نقلت صحيفة غلوبز الاقتصادية الإسرائيلية عن مصادر غير رسمية أن التكلفة اليومية للعملية العسكرية الإسرائيلية في إيران بلغت نحو مليار شيكل (نحو 300 مليون دولار).. وأشارت الصحيفة إلى نية وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) خفض التقييم الائتماني لإسرائيل من A إلى. A-

بينما نقلت وكالة تسنيم للأنباء في إيران عن الإعلام الإسرائيلي، ارتفاع عجز الميزانية في إسرائيل من 8% إلى أكثر من 10%، وأشارت إلى أنه قد يبلغ 15%

وأشارت الجزيرة، إلى أنه سيتم تعويض الشركات التي تأثرت بانخفاض في حجم أعمالها بنسبة 25% على الأقل، و 75% لأجور الموظفين، وهذا ما يعني وفقًا للتقديرات مليارات الدولارات.

أعباءٌ إضافيةٌ على الميزانية

في مقالٍ منفصل، تطرّقت غلوبز إلى طلب وزارة المالية الإسرائيلية تخصيص 3,7 مليارات شيكل إضافية (1,08 مليار دولار) لوزارة الدفاع، على أن يذهب مبلغ 3 مليارات (نحو 860 مليون دولار) منها لتغطية نفقات الجيش تحت بند ”النفقات الطارئة للدفاع“، وذلك لتغطية رواتب القوات التي استُدعيت. بينما يُصنّف باقي المبلغ، أي 700 مليون شيكل (نحو 200 مليون دولار)، ضمن النفقات الأمنية الخاضعة للسرية.

وتؤكد الصحيفة أن حجم إنفاق المؤسسة الدفاعية الصهيونية قد تجاوز الميزانية بنحو 20 مليار شيكل (نحو 5,8 مليار دولار)، وذلك حتى قبل أن تبدأ العملية الأخيرة.

التكاليف العسكرية

تحدثت صحيفة وول ستريت جورنال عن التكاليف العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، بقولها إن تكلفة الصواريخ الاعتراضية التي استخدمتها تل أبيب قد تكون بلغت نحو 200 مليون دولار يوميًا.

وتُقدّر الصحيفة أن مجمل تكاليف الحرب لإسرائيل كانت لتبلغ 12 مليار دولار في حال استمرارها لشهرٍ واحد. ومن ذلك، فإن تكلفة نظام ”آرو 3“ المضاد للصواريخ الباليستية تبلغ 4 ملايين دولار لكل محاولة اعتراض صاروخ، بينما يكلف نظام ”مقلاع داوود“ إسرائيل 700 ألف دولار في كل محاولة، كما تبلغ تكلفة كل طلعة جوية لمقاتلات ”F-35“ نحو 10 آلاف دولار.

تكاليف إعادة الإعمار

وفي جانب إعادة الإعمار وإصلاح المباني المتضررة ، تشير التقديرات إلى نحو 400 مليون دولار كتكلفةٍ إجمالية، بينما تذكر الصحيفة الأثمان الباهظة التي دفعها الاقتصاد الصهيوني جراء تعطيل الأعمال كافة لنحو أسبوعين، والأضرار البالغة التي تكبدتها إسرائيل..

وبحسب صحيفة ”ميدل إيست مونيتور“، فإن خسائر الهجوم الإيراني على منشأة وايزمن للأبحاث لوحدها قد تبلغ ملياري شيكل (570 مليون دولار).

دمارٌ واسعٌ ومهجّرون

وأشارت شبكة الجزيرة الإعلامية إلى إخلاءٍ واسعِ النطاق للسكان في الأراضي المحتلة، حيث أصبحت الكثير من المباني غير قابلةٍ للسكن، ما يستدعي هدمها كليًا وإعادة بنائها. ونقلت الجزيرة عن مسؤولين إسرائيليين أن أكثر من 80 فريقًا يعملون لتقييم الأضرار ميدانيًا، بينما بعض الأحياء لا تزال غير قابلةٍ للوصول بسبب الإجلاء الكثيف. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الأضرار المباشرة لإسرائيل تجاوزت ملياري شيكل (571 مليون دولار) خلال الأسبوع الأول للحرب.

قتلى وجرحى وطلباتٌ بالتعويض

وعلى صعيد التكاليف البشرية، ذكرت صحيفة ”دنياي اقتصاد“ الإيرانية عن إعلام العدو أن حصيلة الهجمات الإيرانية بلغت ٢٤ قتيلاً صهيونيًا و١٢١٣ جريحًا، كما تم إجلاء أكثر من 10 آلاف شخص من منازلهم بسبب الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم.

ونقلت الجزيرة عن مصادر عدة، استقبال حوالي 40 ألف طلب مطالبة تعويض تم تقديمها للسلطات الإسرائيلية نتيجة أضرارٍ أُلحقت ببيوت أو منشآتٍ تجارية أو سياراتٍ أو ممتلكاتٍ خاصة، وذكرت الجزيرة بأنه تم شراء 53 ألف وثيقة تأمين جديدة منذ اندلاع الحرب، لتغطية الأغراض الثمينة التي لا تغطيها التعويضات الرسمية.

مصدر الصورة: الجزيرة