أخبار

وثيقة تكشف وفاة الشخصية العُمانية الشهيرة “تيبوتيب”

وثيقة لها تاريخ

أثير- تاريخ عمان

إعداد: د. محمد بن حمد العريمي

المرسِل: الشيخ سليمان بن حميد بن عبدالله الحارثي

المرسَل إليه: الشيخ عبدالله بن راشد بن خلفان الطوقي الحارثي

تاريخ الوثيقة:11 ربيع الثاني 1323هـ الموافق 15 يونيو 1905م

عنوان الوثيقة: عدّة موضوعات من بينها تاريخ وفاة الشيخ حميد بن محمد المرجبي

مصدر الوثيقة: خزانة الشيخ محمد بن حميد بن عبدالله بن راشد الطوقي

وثيقة لها تاريخ

فحوى الوثيقة:

تحوي الوثيقة الموجودة في خزانة أسرة الشيخ محمد بن حميد بن عبدالله الطوقي، والتي أمدّني ابنه الفاضل سليمان بن محمد بن حميد الطوقي بنسخةٍ منها، رسالة مرسلة من الشيخ سليمان بن حميد بن عبدالله الحارثي الملقب بـفارس الشرفاء المولود ببلدة المضيرب من أعمال ولاية القابل في الشرقية، وقد نشأ وتربى في كنف والده الذي كان ضليعا بعلم الكيمياء واستخراج المعادن وله دراية واسعة بعلم الفلك، وتربّى على مبادئ الفروسية واستخدام الأسلحة إلى أن ذاع صيته في البلاد فأطلق عليه الناس فارس الشرفاء.

اشتهر الشيخ سليمان بالشجاعة الفائقة، والكرم والسخاء الشديدين، وله مواقف عديدة في ذلك. كما كان محبًا للعلم، مشجّعًا عليه، وقد هاجر في فترةٍ من حياته إلى زنجبار، وكان صديقا شخصيا للسلطان خليفة بن حارب سلطان زنجبار وتوجد بينهما مراسلات وخطابات، وقد أقام له السلطان خليفة بن حارب حفلة توديع عندما قرر العودة إلى عُمان فقدم له سيفا منمقا بالذهب.

وقد وصفه الشيخ محمد بن عبدالله السالمي بقوله: “كان هذا السيد من علو القدر وبعد الهمّة وجلالة المنزلة بحالة انفرد بها دون أقرانه فهو دهره أدبا وفضلا وكرما ومجدا وفروسية وشجاعة أما جوده وسخاؤه فحدِّث عنه ولا حرج”. وتوفي الشيخ سليمان بن حميد سنة 1354هـ في المضيرب.

صورة للشيخ سليمان بن حميد الحارثي. أرشيف الباحث نبهان بن تغلب البرواني

أما المرسَل إليه فهو الشيخ عبدالله بن راشد بن خلفان الطوقي أحد أعيان الشرقية في زمنه، كان يتنقل بين شرقي أفريقيا وعُمان، حيث كانت له تجارة واسعة في عدد من المناطق مثل أوغندا، والبر الإفريقي، واستقر لفترة في كيجالي برواندا، وتاجر في العديد من السلع الأساسية والأقمشة. كما كان مهتمًا بالعلوم الدينية والأدبية وتوجد في خزانته العديد من المخطوطات الفكرية المنسوخة له، وحرص على اقتناء العديد من الكتب المتنوعة من بينها نسخ من أوائل الكتب التي طبعتها المطبعة العربية في زنجبار التي أنشأها السلطان برغش بن سعيد.

كما كان للشيخ عبدالله بن راشد الطوقي العديد من الإسهامات الاجتماعية في بلدته السباخ وما حولها، وكان داعمًا للعديد من القضايا السياسية والاجتماعية خلال فترة ظهوره، وارتبط بعلاقات وثيقة مع مشاهير عصره، وله في ذلك مراسلات كثيرة مع عدد من الأئمة وشيوخ القبائل في دلالة على سعة علاقاته الاجتماعية. وتوفي الشيخ عبدالله في نهاية عام 1379هـ الموافق عام 1960م.

نسخة من المولد النبوي تم نسخها للشيخ عبدالله بن راشد في 11 جمادى الأول 1365هـ
خبر في إحدى صحف زنجبار يتناول عودة الشيخ عبدالله إلى رواندا من زنجبار في مارس 1958م

وتتناول الرسالة عددًا من الموضوعات لعل ما يهمنا منها هو الإشارة إلى تاريخ وفاة إحدى أبرز الشخصيات العربية في تاريخ شرقي أفريقيا الحديث والمعاصر، ألا وهو الشيخ والتاجر حميد بن محمد بن جمعة المرجبي “تيبوتيب” الذي عاش خلال الفترة من (1840-1905) متنقلًا ما بين البر الافريقي وزنجبار، وكانت له أدوار سياسية واقتصادية عديدة.

وثيقة لها تاريخ

وحميد بن محمد المرجبي أحد أشهر التجار العمانيين والشخصيات البارزة في شرق أفريقيا منتصف القرن التاسع عشر، يرجّح أنه ولد في قرية تسمى كوارارا في زنجبار عام 1840، تاجر في العاج. كما عمل المرجبي في تجارة الأخشاب والملح والجلود وغيرها من السلع التي يشتريها من البر الإفريقي ثم ينقلها إلى زنجبار وغيرها من الموانئ لبيعها للتجار، وكانت له صلات قوية ببعض القبائل الأفريقية مما ساعد على نجاح تجارته وتقوية نفوذه حتى أن كثيرا من المستكشفين الأوروبيين للقارة الأفريقية نعموا بالحماية التي وفرها لهم المرجبي وأثبتوا ذلك في مراسلاتهم للجمعيات التي ينتمون إليها، وكان أحد مرافقي السيد حمود بن حمد بن سعيد في رحلته من زنجبار إلى بعض أطراف شرق إفريقيا.

رسمة للشيخ حميد بن محمد المرجبي

وللمرجبي دور كبير ومهم في استكشاف مجاهل القارة الإفريقية، وكان دليلًا للمستكشفين الأوروبيين في استكشاف منطقة البحيرات العظمى كستانلي، وسبيك، ولفنجستون، وكاميرون، وويسمان، فلقد كان رفيقا لهم ومساعدا في استكشاف منطقة البحيرات العظمى.

لقّب المرجبي بألقاب عدة وهي تيبوتيب وتعني صوت طلق البندقية، أو رفة العين، ولقّب أيضا بلقب كينجوجوا ويعني الضبع الأرقش، ولقب بلقب مكانجوانزارا أي الذي لا يخشى أحد، وكان لكل لقب من هذه الألقاب قصة تمثل مرحلة من حياة المرجبي.

تقرير في مجلة الهلال المصرية عام 1906 عن حميد بن محمد المرجبي

وقد توفي المرجبي في 10 ربيع الأول 1323هـ الموافق 15 يونيو1905م في زنجبار متأثرا بمرض الملاريا، وبحسب الباحثة الدكتورة بدرية الشعيبية فقد كان يتمنى قبل وفاته زيارة أوروبا والتجول بين المدن الأوروبية التي كان يصفها له ستانلي وغيره من المستكشفين الأوروبيين الذين رافقهم إلى أواسط القارة الأفريقية، حيث كانوا يصفون له المدنية والتطور الحضاري في أوروبا، فكان دائما ما يصرح أنه يتمنى السفر إلى هذه المدن والتعرف إليها، وكان غاية أهدافه أن يزور بيت الله الحرام، لكن المنية كانت أقرب من أحلامه وطموحاته.

وكتب حميد المرجبي مذكراته التي أبرز فيها مغامراته والأحداث التي واجهته أثناء مزاولته لتجارته في البر والساحل الإفريقي، وتعد هذه السيرة الذاتية مصدرًا مهمًا ودليلًا على مدى شجاعة العمانيين وجسارتهم وتحديهم للمجهول، ومدى الاحترام والقبول الذي حظوا به من القبائل الإفريقية. وتوثق هذه السيرة أيضا الدور الذي لعبه العمانيين في الدفاع عن البر الإفريقي ضد السيطرة الغربية، وقام الدكتور محمد بن ناصر المحروقي بترجمة هذه المذكرات، ونشرها تحت عنوان" مغامر عماني في أدغال إفريقيا“.

وثيقة لها تاريخ

المراجع

  • الشعيبية، بدرية بنت علي. شخصيات عمانية خالدة.. حمد بن محمد المرجبي، ملحق روضة الصائم، موقع جريدة عمان الإلكتروني، 22 مارس 2025.
  • مجلة نزوى، تقرير حول كتاب “مغامر عماني في أدغال إفريقيا”، سيرة ذاتية ترجمها الدكتور محمد المحروقي، 1 إبريل 1999
  • مصدر الوثيقة: خزانة أسرة الشيخ محمد بن حميد بن عبدالله الطوقي
Your Page Title