الأولى

صدر قبل 47 عامًا: هل تصفحت العدد الأول من مجلة “الغرفة”؟

العدد الأول من مجلة الغرفة

أثير- د. محمد بن حمد العريمي

في نوفمبر من عام 1978م صدر العدد الأول من مجلة الغرفة عن غرفة تجارة وصناعة عُمان ليكون منبرًا يعنى بالشأن الاقتصادي والتجاري في سلطنة عمان، ويوثق مرحلة مهمة من تطور الاقتصاد العماني في أواخر السبعينيات، حيث شمل العدد المواد والمحاور الآتية: كلمة العدد افتتاحية كتبها رئيس التحرير علي سلطان، وموضوعات وتقارير اقتصادية عديدة محلية وعربية وعالمية، وأخبار ونشاطات غرفة تجارة وصناعة عُمان.

يمثل العدد الأول من مجلة الغرفة إصدارًا توثيقيًا مهمًا للمرحلة الأولى من مسيرة النهضة العمانية الحديثة، إذ يجمع بين قراءات تحليلية للتطور الاقتصادي، واستعراض لمشروعات البنية الأساسية، وتقديم صورة واضحة عن دور غرفة تجارة وصناعة عمان في تلك الفترة، ويعكس العدد روح البناء والانطلاق التي ميزت سلطنة عمان في أواخر السبعينيات.

كما يمثل هذا العدد نقطة انطلاق لمجلة الغرفة، التي أصبحت لاحقًا واحدة من أبرز الإصدارات الاقتصادية العُمانية في توثيق النشاط التجاري والصناعي خلال فترة النهضة المباركة.

السياق التاريخي لصدور المجلة

شهدت سلطنة عمان بعد عام 1970م نقلة نوعية في الاستقرار السياسي والتنظيم الإداري والنهضة الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى توسع الأنشطة التجارية والصناعية وظهور متطلبات جديدة تتعلق بتنظيم الأسواق، وتطوير المهن التجارية، وتحسين البنية الأساسية، وقد مثّلت غرفة تجارة وصناعة عُمان — التي أعيد تنظيم عملها رسميًا في عام 1973م — مؤسسة محورية في هذا التحوّل؛ ما استدعى وجود وسيلة إعلامية تعكس رؤيتها وتوثق منجزاتها.

غلاف العدد

اشتملت صفحة الغلاف على الجزء العلوي وهو باللون الذهبي، ويحمل: شعار غرفة تجارة وصناعة عمان في الجهة اليسرى، وعنوان المجلة “الغرفة” بخط واضح في الجانب الأيمن. أما أسفل العنوان فهناك لوحة فنية كبيرة تتوسط الصفحة، توضح عناصر مرتبطة بقطاعات التنمية في سلطنة عمان أواخر السبعينيات: أشجار نخيل، ونشاط زراعي، وبناء منشآت حديثة، ورافعة (كَرَيْن) وصوامع، وشاحنات نقل وبنية أساسية، ويأتي الإطار الخارجي للوحة على شكل ترس يرمز للحركة الاقتصادية والصناعة.

غلاف العدد الأول
حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-

هيئة التحرير

ترأس تحرير المجلة الفاضل علي سلطان، وتكونت هيئة التحرير من أحمد بن عمير الهنائي، ومحمد عبد الرسول الجمالي، ومرتضى حسن علي، وسهيل بهوان، وخميس الحشار، ود. حمد الريامي. أما مدير التحرير فكان الأستاذ أحمد محمد كمال، بينما تولى الإخراج الفني علي جبريل

الغرفة
تهنئة إلى المقام السامي بمناسبة العيد الوطني الثامن

صفحات المجلة

اشتملت المجلة على مجموعة من الصفحات المتنوعة ما بين تقارير اقتصادية، وأخبار محلية وعالمية، وأخبار الغرفة، ونبذة عن أبرز المعارض الدولية، وبعض الأخبار الخفيفة، وقد اخترنا نماذج من تلك الصفحات لعرضها:

الافتتاحية

كانت كلمة العدد في العدد الأول عبارة عن افتتاحية كتبها رئيس التحرير علي سلطان قدّم فيها رؤية صدور المجلة ودورها في دعم النشاط التجاري والصناعي، واستعرض التحولات الاقتصادية الكبرى منذ عام 1970م، وأهمية دور الغرفة كحلقة وصل بين القطاعين العام والخاص.

تقدّم كلمة رئيس التحرير في العدد الأول من مجلة الغرفة توضيحًا لرؤية إصدار المجلة ورسالتها، مؤكدة أنها خطوة أولى تهدف إلى دعم القطاع التجاري والصناعي في سلطنة عمان خلال مرحلة تنموية مهمة من تاريخ البلاد، ويشير رئيس التحرير إلى التغييرات الإيجابية التي شهدها الاقتصاد الوطني منذ عام 1970م بفضل الاستقرار الذي أرسى دعائمه السلطان قابوس بن سعيد، وما تبع ذلك من تنفيذ الخطة الخمسية الأولى (1976–1980) رغم التحديات الاقتصادية العالمية آنذاك.

وتبرز الكلمة دور غرفة تجارة وصناعة عمان في خدمة التجار ورجال الأعمال من خلال متابعة القضايا الاقتصادية، ورصد جوانب القصور في الأنشطة التجارية والعمل على معالجتها عبر جهازها الفني والتنفيذي. كما تؤكد أهمية تعاون المنتسبين للغرفة ودعمهم لاستمرار أداء دورها الحيوي باعتبارها حلقة وصل أساسية بين القطاع الخاص والجهات الحكومية.

كلمة العدد

التجارة الخارجية لسلطنة عمان

يتناول المقال الذي كتبه الأستاذ علي داود وكيل وزارة التجارة والصناعة وقتها، تطوّر التجارة الخارجية في سلطنة عُمان منذ أقدم العصور حتى بداية النهضة الحديثة، موضحًا أن سلطنة عمان اعتمدت تاريخيًا على التجارة بفضل موقعها الإستراتيجي وانفتاحها على البحر والمحيط الهندي. ومع بداية السبعينيات، عملت الحكومة على إعادة تنظيم النشاط التجاري وتحسين البنية الأساسية، ما أسهم في توسع حركة الاستيراد والتصدير.

التجارة الخارجية

تطور التنمية الاقتصادية في سلطنة عُمان

يعرض التقرير المعد من قبل الأمانة الفنية لمجلس التنمية، ملامح النهضة الاقتصادية التي شهدتها سلطنة عُمان بدءًا من عام 1970م، حيث بدأت الدولة تنفيذ خطط تنموية واضحة لتحسين البنية الأساسية، وتنويع مصادر الدخل، ورفع مستوى معيشة السكان.

وقد ركّز التقرير على مجموعة من القضايا والعناوين من بينها: بداية الخطط التنموية، ونمو الناتج القومي، والاستثمار الحكومي، وتنويع مصادر الدخل، والبنية الأساسية، والتحسن الاجتماعي.

ويؤكد التقرير أن الفترة 1970–1977م تمثل مرحلة التحول الكبرى في تاريخ عُمان الاقتصادي، حيث انتقلت البلاد من وضع محدود الإمكانات والبنية إلى دولة تنموية حديثة تعتمد على خطط واضحة واستثمارات واسعة أثمرت بنية قوية ومجتمعًا أكثر تطورًا.

تطور التنمية الاقتصادية

البنك المركزي العماني

ناقش الموضوع المنشور في الصفحتين (12-13) تاريخ النظام المصرفي في سلطنة عمان منذ عام 1948، وتطور هذا النظام مع ظهور النهضة الحديثة، وتاريخ تأسيس البنك المركزي وأهدافه. كما تناول دور البنك المركزي العماني في إدارة السياسة النقدية لسلطنة عمان، واستعرض آليات عمله في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي من خلال دور البنك في السياسة النقدية من حيث: تنظيم العرض النقدي، والرقابة على التضخم، وإدارة الاحتياطي النقدي، والإشراف على القطاع المصرفي، وتحقيق الاستقرار المالي.

البنك المركزي العماني

مشروع إنتاج أنابيب الضغط

تناول التقرير المعد من قبل الأستاذ عبد الرزاق سيد محمد الباحث الاقتصادي بالغرفة والمنشور في الصفحات (14-17) مشروع إنتاج أنابيب الضغط كجزء من جهود تطوير القاعدة الصناعية في سلطنة عمان.

وسلط التقرير الضوء على إنتاج شركة أميانيتيت عمان إحدى الشركات المساهمة العمانية بوصفها نموذجًا للمشروعات الوطنية الناجحة، حيث تناول: تأسيس الشركة ورأسمالها، وأبرز الأنواع التي تنتجها الشركة واستعمالاتها المختلفة، ومساحة المصنع، والخبرات الفنية المستخدمة في التصنيع.

مشروع إنتاج أنابيب الضغط

تطور الصناعة في سلطنة عمان

ناقش التقرير المنشور في الصفحات (18-21) تطور الصناعة في سلطنة عمان منذ العصور القديمة، وأبرز المنتجات المختلفة كصناعة السفن، واستخراج النحاس واستخدامه في الصناعات المختلفة، والطوب الأحمر، وصياغة الذهب والفضة، وعمليات غزل النسيج، وغيرها من الصناعات المختلفة.

وبرز في التقرير جهود الدولة في الاهتمام بالنشاط الصناعي بعد عام 1970م، وتوجهها نحو بناء قاعدة صناعية قوية تعتمد على العلم والتقنية بناءً على مبررات عديدة من بينها: تنويع مصادر الدخل بدلًا من الاعتماد على مصدر وحيد. كما أن تصنيع الخامات المحلية في سلطنة عمان يزيد من قيمتها المضافة وبالتالي نزيد قيمة الخامات، عدا عن توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة من جراء انتعاش النشاط الصناعي.

وتُظهر الصور المرفقة العمال العمانيين في بيئة صناعية؛ ما يعكس مشاركة المواطن في التنمية.

تطور الصناعة في سلطنة عمان

أنباء اقتصادية

يعد هذا الباب من ضمن الأبواب الثابتة في المجلة لاحقًا، وهو يتضمن مجموعة من الأخبار الاقتصادية المتنوعة، حيث تناول الشركات المسجلة في السلطنة من خلال عرض جدول مفصّل يحتوي على بيانات الشركات مثل عددها أو تصنيفها؛ ما يشير إلى جهود الدولة في تنظيم القطاع الخاص وتوثيق النشاطات الاقتصادية.

كما عرض الباب لمعلومات متنوعة حول القطاع الزراعي والحيواني في سلطنة عمان، حيث تناول جانبًا من مشروع تربية الأبقار في المنطقة الجنوبية (ظفار حاليًا) منذ عام 1974م، وجهود شركة مزارع الشمس العمانية التي بدأت عملها منذ أول نوفمبر 1978م، وعرض صورًا لأبقار في منشآت مخصصة.

ووضح الباب كيف كانت سلطنة عمان تسعى إلى تنمية قطاعات الإنتاج الحيواني والزراعي، إلى جانب تعزيز بيئة الأعمال من خلال تسجيل وتنظيم الشركات؛ ما يسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

أنباء اقتصادية

باب أخبار عربية

تناول هذا الباب أبرز الأخبار الاقتصادية العربية، وقد ركّز في العدد الأول على المنطقة الحرة في العقبة بالمملكة الأردنية الهاشمية وموضوع خفض تكاليف التخزين وأجور النقل فيها، بالإضافة إلى توسيع وتوفير مخازن التبريد بميناء العقبة.

كما احتوى الباب على مربع تناول خبرًا عن إعداد الغرفة لأول دليل تجاري لسلطنة عمان وكيفية الحصول عليه، وقدم معلومات وإحصاءات عن الأنشطة التجارية في سلطنة عمان، يساعد المستثمرين على فهم البيئة الاقتصادية والفرص المتاحة.

باب أخبار عربية

دليلك التجاري

في هذا الباب سعت المجلة إلى تقديم خدمات للتجار لتسهيل اتصالاتهم بالبيوتات التجارية الخارجية، وتيسير وسيلة التعارف بين المستوردين والمصدرين، من خلال تسليط الضوء على مجموعة من الشركات الدولية العاملة أو المتعاونة مع سلطنة عمان، مع معلومات موجزة عن أنشطتها ومواقعها.

دليلك التجاري

معارض وأسواق تجارية بالخارج

عرض هذا الباب في الصفحتين (38-39) وهما الصفحتان الأخيرتان من المجلة، معلومات عن أبرز المعارض التجارة الدولية، ومكان وتاريخ إقامتها، ونوعية النشاط الخاص بكل معرض، وذلك في إطار الخدمات التي تقدمها الغرفة للتجار ورجال الأعمال المنتسبين إليها.

معارض وأسواق تجارية بالخارج
معارض وأسواق تجارية بالخارج

أهمية العدد:

حمل العدد الأول من مجلة “الغرفة” قيمة توثيقية كبيرة، إذ يُظهِر: طبيعة الخطاب الاقتصادي الرسمي في أواخر السبعينيات، وملامح الاقتصاد العماني قبل الطفرة النفطية الكبرى، وكيفية تعامل غرفة التجارة مع تحديات الاقتصاد المحلي، ونوعية المشروعات التي كانت تشكّل أولويات الدولة آنذاك. كما أن موضوعات العدد مثّلت سجلًا بصريًا ومعلوماتيًا يعكس بدايات تشكّل البنية التجارية الحديثة في سلطنة عمان.

وأسهم هذا العدد وما تلاه من أعداد حتى تاريخنا في بلورة هوية إعلامية مستقلة للغرفة، وتعزيز علاقتها مع التجار ورجال الأعمال، ودعم جهودها في دراسة التشريعات الاقتصادية وتقديم المشورة للدولة، وفتح قناة تواصل رسمية ومستدامة بين القطاعين العام والخاص، وقد أصبحت المجلة لاحقًا مصدرًا مهمًا للباحثين والمؤرخين في دراسة تطور الاقتصاد العماني.

Your Page Title