مواضيع أخرى

الدولة العثمانية تسيطر على الخليج عدا عُمان

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – تاريخ عمان

في عهد السلطان سليمان القانوني ( 1521 – 1566 م ) بدأت السيطرة العثمانية على الخليج عدا عمان حينما استطاع العثمانيون في إخضاع بغداد لسلطتهم في عام 1534م ، ثم البصرة في عام 1538م ، وبعدها مد العثمانيون نفوذهم إلى اقليم الإحساء شرقي شبه الجزيرة العربية في عام 1592م رغم أن الدولة العثمانية لم تستطع مجابهة الإستعمار البرتغالي في الخليج نتيجة إفتقارهم لأسطول بحري يساوم قوة ذلك الإستعمار في منطقة الخليج.

كانت عمان بأساطيلها البحرية القوية التي دحرت المستعمر البرتغالي في عهد اليعاربة في ( 1624 – 1744م ) قطرا مستقلا ، لم تخضع لنفوذ الدولة العثمانية ، بل كانت تمتلك مع العثمانيين علاقات ودية مبنية على الإحترام المتبادل .

فقد كان العمانيون والأتراك حلفاء منذ القرن السادس عشر، وقامت العلاقات بينهم على أساس التعاون المشترك والإحترام وتبادل المصالح في إدارة المنطقة، والأحداث في الخليج والجزيرة العربية وزنجبار . وازداد بريق تلك العلاقة عبر التاريخ في عهد الدولة البوسعيدية التي برزت فيها العلاقات بين الدولتين بشكل أكبر، وأكثر إيجابية على الصعيدين السياسي والإقتصادي نتيجة نمو العلاقات التجارية بين مسقط والبصرة ، ووجود عدو مشترك بين الطرفين متمثل بالدولة الفارسية على وجه الخصوص والمد السعودي فيما بعد .

ولا ننسى بأن الدولة العثمانية والدولة الفارسية كانتا تكنان لبعضهما العداء لدواع تتعلق بالرغبة في الهيمنة العسكرية والسياسية على بلاد الرافدين والخليج العربي، واختلط كل ذلك بلباس المذهبية الذي جر شعوب المنطقة إلى الهاوية .

مرّ الصراع بين العثمانيين، والفرس بعدة مراحل بدأت عندما استطاع العثمانيّون هزيمة الفرس في معركة جالديران عام 1514م ، وهو من فتح الطريق للدولة العثمانية ضم بغداد لنفوذها ، وطوال قرنين من الزمان لم ينقطع فيها الصراع بين الطرفين، وانضما إلى تحالفات معادية لبعضهما البعض مما أتاح للبرتغاليين فرصة بسط نفوذهم على الخليج العربي حتى الربع الأول من القرن السابع عشر .

ومن ثم مالت الكفة في بغداد والموصل للفرس بعهد نادر شاه من الفترة 1743 – 1747م ، وهكذا كانت الحرب بين الطرفين سجال كر وفر في محيط تلك المناطق .

عمان تهب لنجدة البصرة والعثمانيين

تعرضت البصرة طوال عام 1773م لأخطر مرض في ذلك العصر، وهو مرض الطاعون الذي أدى إلى وفاة عشرات الآلاف، ولم يكد الطاعون ينتهي من البصرة حتى هاجمها الفرس بقيادة كريم خان الزندي خلال الفترة من عام 1775م وحتى 1776م ، وتعرضت للخراب والدمار، ولقد طلب أهل البصرة نجدة أهل عمان من هذا الغزو ، فلبى الإمام أحمد بن سعيد النداء وأرسل جيشه بقيادة ابنه الأكبر هلال الذي قاد الأسطول العماني المكون من 34 سفينة كبيرة مزودة بأكثر من 44 مدفعا وعدد من المراكب الصغيرة، واستطاع العمانيون دخول البصرة فعلا مما أدى إلى أن اضطر القائد الفارسي صادق خان إلى توقيع معاهدة صلح مع والي العثمانيين في المدينة.

هذا الموقف النبيل من قبل إمام عمان أحمد بن سعيد قد فرض إحترامه أكثر على الدولة العثمانية التي لم تنس جميل العمانيين في المساهمة بإنقاذ البصرة ، فأصدر السلطان العثماني عبدالحميد الأول فرمانا يقضي بتخصيص مكافأة سنوية لعمان، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي، والسياسي في المنطقة، وتوسيع الإمتيازات التي يحصل عليها التجار العمانيون في موانئ الدولة العثمانية وخاصة ميناء البصرة .

لقد استمرت العلاقات الودية بين عمان والدولة العثمانية بشكل جيد جدا ، وشهدت العلاقات التجارية بين مسقط والبصرة نموا ملحوظا في تلك الفترة ، وتشير الكثير من الوثائق إلى قوة تلك العلاقات السياسية، والتجارية، وحتى العسكرية بين الدولتين اتجاه العدو المشترك آنذاك لمناطق نفوذهم كالدولة الفارسية والمد السعودي في المنطقة ، فعلى سبيل المثال سنجد هناك وثائق كثيرة تشير إلى أن سلاطين الدولة العثمانية قد بعثوا ، وارسلوا عددا من الهدايا الثمينة، والرسائل الملكية، والوثائق العسكرية، والمكافئات المادية، والأسلحة الحديثة إلى إمام عمان ومسقط وسلاطينها وبعض سلاطين زنجبار ، لتبين كل تلك الوثائق قوة عمان وعلاقاتها منذ دولة اليعاربة وحتى دولة البوسعيد مع الدولة العثمانية التي سيطرت على مناطق النفوذ بالخليج عدا عمان التي كانت بحكمة من تولى شؤونها دولة مستقلة ذات هيبة فرضت مكانتها لدى الباب العالي .

 

المراجع :

– عمان في عهدي الإمام سعيد والسيد سلطان بن أحمد البوسعيدي ( 1783 – 1804م) ، د.صالح بن عامر الخروصي ، بيت الغشام للنشر والترجمة ، الطبعة الأولى -2015م .

– سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية الدولية ، العلاقات العمانية العثمانية في الجوانب السياسية والعسكرية والإقتصادية ، هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ( سلطنة عمان ) ، الطبعة الأولى 2012م – مسقط سلطنة عمان

Your Page Title