يقدم متحف الفن الحديث بمدينة باريس معرضا كبيرا حول مسيرة وأعمال الفنانة الألمانية بولا مسيدرسون –بيكر (1876-1907). وهي وعلى الرغم من جهلها من الجمهور الفرنسي الكبير، تعد من بين الشخصيات المهمة في مجال الفن الحديث. هذا على الرغم من مسيرتها الفنية القصيرة التي دامت عشر سنوات فقط، إلا أنها تركت أعمالا ثرية ومتنوعة و غنية للغاية، إذ يقدم المعرض مئات اللوحات والرسومات. علاوة على مقتطفات من رسائلها ويومياتها التي تسمح لنا بفهم ارتباط حياتها الشخصية الوثيقة بإبداعاتها المختلفة.
فبعد قضاء فترة تدريب في مجال الرسم في برلين، انظمت بولا مسيدرسون –بيكر إلى الوسط الفني لمدينة وربساود الكائنة في شمال ألمانيا. وبسرعة فائقة وجدت مصادر جديدة لإبداعاتها، كانت مفتونة بمدينة باريس والحركة الطلائعية الأولى في أوائل القرن العشرين، حيث مكثت فترة طويلة واكتشفت العديد من الفنانين وأعجبت ( ببرودان وسيزان، غوغان، هنري روسو، بيكاسو، ماتيس)
تعتبر بولا مسيدرسون –بيكر من بين الفنانين الحداثيين المتقدمين على زمنهم، إذ قدمت أعملا جمالية شخصية جريئة. حيث تعد المواضيع التي تطرقت إليها هي من سمات عصرها مثل (التصوير الذاتي، الأم والطفل، والمناظر الطبيعية المتنوعة ، …)، غير أن طريقة معالجتها تعد مبتكرة للغاية. مما جعل أعمالها تتميز بقوة التعبير في اللون، والحساسية المفرطة وقدرة مذهلة على التقاط جوهر نماذجها. خاصة وأنها قدمت عدة لوحات اعتبرت طلائعية جدا، وهذا ما تم تقديمه في المعرض الفني المنظم في ميونخ في عام 1937.
تقدم بولا مسيدرسون –بيكر أعمالها كامرأة في العديد من الصور الذاتية عن طريق لوحاتها ورسوماتها الخاصة، دون أي تهاون، وهي دائمة البحث عن مواضيع ذاتيى حسّاسة.
حافظت على صداقتها ولمدة طويلة مع الشاعر النمساوي راينر ماريا ريلكه. سواء عن طريق اللقاءات، أو عن طريق المراسلات والعديد من الأعمال التي تعتبر شهادات رائعة. كرّمها الشاعر راينر ريلكه بقصيدة بعنوان “، قداس لصديقة”، كتبها بعد وفاتها عن عمر يناهز ال 31 عاما.
أما الكاتبة ماري ديريوسيك فهي تقدم وجهة نظرها في أعمال الفنانين المساهمين في هذا المعرض، وفي والكتالوج. كما تنشر لأول مرة سيرة الفنانة الذاتية باللغة الفرنسية ، وهي بعنوان “ويجري هنا هو الجمال، حياة بولا بيكر ” الصادر في باريس عام 2016 .
تجدر الإشارة إلى أن هذا المعرض أقيم بمناسبة 140 سنة على ولادتها، وهو مستمر إلى غاية 31 أوت/ أغسطس 2016.
باريس- الطيب ولد العروسي