فضاءات

فتش عن المعلم

فتش عن المعلم
فتش عن المعلم فتش عن المعلم

مرفت عبدالعزيز العريمية

مديرة مركز الدراسات والبحوث

كلما ارى متميزا او متفوقا علميا انظر وراءه  فاجد المعلم يقف خلف هذا النجاح فخورا بما صنعه .. سواء اكان هذا المعلم مدرسا بالمؤسسة التعليمية ام  فردا أخر من محيطه امن به وبامكانياته ..كثيرا ما اتساءل  حول ماهية وصفة  المناسبة  لصناعة معلم عظيم  يتمتع بشغف وكفاءة علمية .. معلم يتخذ من التعليم  مهنة ورسالة وليست وظيفة اجبر عليها لظرف ما ..  معلم  قدوة حسنه لتلاميذه  وليس مجرد نقال المعلومة العلمية .

بين الحين والاخر نرى نماذج  من المعلمين يشار اليها بالبنان ، فقبل ايام قرات خبرا عن تأهل المعلمة حنان الحروب لجائزة افضل معلمة في العالم لعام ٢٠١٦   المنظمة من قبل مؤسسة فاركي وهي  بذلك تكون تعد حاليا ضمن عشرة افضل معلمين بالعالم  وسيتم اعلان الفائز خلال شهر مارس القادم ،هذه المسابقة تهدف الى تحسين معايير التعليم في الدول الفقيرة   وفكرة حنان ينصب حول منهجية الحد من العنف من خلال التعليم واللعب  واستطاعت من خلال هذه المنهجية  تغيير في سلوكيات الطلبة والحد من الحركة الزائدة  ومعالجة تشتت التفكير  وتبسيط المعلومات والمنهاج   من خلال مجموعة من الوسائل التعليمية وكتاب قامت باعداده تقول  حنان في ذلك الخبر“أنا لست معلمة فقط، أنا أشتغل مرشداً تربوياً وأخصائياً نفسياً، لأستطيع تغيير السلوكيات والصعوبات التي يعاني الطلاب منها والتشتت في التفكير من خلال اللعب لتبسيط المناهج وجعلها أكثر متعة وملائمة للطلاب”. وقالت إن اسلوبها التعليمي “أحدث فرقاً واسعاً في سلوكيات الطلبة وتحصيلهم العلمي ويمكن فوراً أن تلحظ التأثير المباشر”.

هذه المعلمة  قدمت نموذجا حيا  لرسالة المعلم وقدرته على احداث التغيير بالمجتمع  ولم يثنيها عن عزمها الظروف الحرب الاستثنائية  فقد امنت ان المعلم اكثر من مدرس للمادة العلمية وان التعليم ليست وظيفة نتقاضى منها راتبا شهريا، والملم بمسيرة العظماء  من المعلمين  في التاريخ  القديم يجد ان التعليم لم تكن مهنة يتكسب منها المعلمون ، بل كان طالبي العلم يسافرون ألالاف الاميال وفي ظروف صعبة باحثين عن معلم جيد يكتسبون منه العلم والمعرفة   هذا الموقف يتوافق مع  حديث احد المعلمين بجامعة هارفرد  يدعى بالمر حيث قال “ليس من العدل أن تدفع لي جامعة هارفارد  مبلغا شهرياً على وظيفة و أنا مستعد  أن ادفع راتباً عليها لما فيها من شرف وهي  مهنة تعليم الشباب” .

 لا يمكن ان ننسى معلمينا  الافاضل الذين منحوناالكثير من الوقت والصبر والحب ،لقد احدثوا فارقا كبيرا في حياتنا ستظل محفورة في ذاكرتنا الى الابد ، وعلى الرغم من مرور اعوام من تخرجنا الاا نهم مازالوا يتابعون مسيرتنا العملية بفخر واعتزاز كل يوم ازداد قناعة ان  وراء كل عظيم وناجح معلم عظيم  قضى حياته في تادية رسالة نبيلة ، فالتعليم رسالة  تمحو الظلام من العقول وتنور طريق المتعلمين فالمعلم هو الشخص الذي يمكن ان يحدث فارقا مهما في حياتنا  ، اذكر نماذج حية لمعلمات غيرن من حياتنا فمعلمة اللغة العربية كانت استثنائية  جدا فكانت نموذج رائعا للحزم والثقافة والعطاء ،استطاعت ان تحببنا في مادة اللغة العربية على الرغم من صعوبة المناهج انذاك ، اما معلمة الرياضيات اردات ان تحببنا في المادة فتحملت ان تعيد لنا الدرس عشرات المرات دون كلل او ملل ولم تكن تغادر الحصة حتى تتاكد تماما ان الجميع مستوعب. تعلمنا  من معلمة التاريخ ان معرفة التاريخ مهم حتى نكمل مسيرة الاجداد فهي من كانت تسرد لنا التاريخ باسلوب مشوق  لا يمل نعود بعدها لقراءة المزيد عن تلك الاحداث.. المعلم  لم يكن ناقل المادة العلمية فقط بل كان مربي ومقلم لسلوكيات التلاميذ ويساعدهم على الاختيار السليم  ،عندما كانت المدرسة تعد مؤسسة تربوية وتعليمية  والمعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية ،ولن نبالغ لو قلنا ان صلاح المجتمع من صلاح التعليم وصلاح التعليم من صلاح المعلم ، لذلك تولي الدول المتقدمة علميا قيمة كبيرة للمعلم  ويتم اختياره بعناية  فائقة تتخطى المؤهل العلمي.

 معظم الدراسات تؤكد ان تدهور المجتمعات ناتجه عن تدهور التعليم  فهو العمود الفقري لاية نهضة وتطور ، ولا يمكن تحقيق اية تنمية دون بناء الانسان علميا وصحيا ، والتعليم ليس فقط مسؤولية مؤسسات التعليمية بل ان  وسائل الاعلام ايضا مكملين لدورها في تقديم جرعة تعليمية وتوعوية وفق استراتيجيات الدولة.

فالمعايير المعتمدة لاختيار المعلمين في بعض دول العالم عبارة عن سلسلة من الاجراءات والاختبارات تبدا منذ التحاق بكليات او معاهد  اعداد المعلمين  وتظل مستمرة  حتى بعد التوظيف ، وفي فرنسا يجب ان يجتاز المعلم اختبارات صعبة ، ولا يتعدى نسبة الناجحين ٤٠٪ من اجمالي المتقدمين .

قبل عقود اقرت الحكومة السنغافورية  برنامجا يسمى جودة المعلم  للارتقاء بالمعلم ومهنة التعليم والقضاء على الصورة النمطية السائدة حول المعلم  بعد ان وجدت الحكومة ان هناك نسبة تسرب بين صفوف الطلاب في المرحلة الابتدائية وبعد تطبيق المشروع  تحسنت المنظومة التعليمية كثيرا.

اما في اليابان فان المعلم يجب ان يحصل على رخصة مزاولة مهنة التدريس  بعد ان يخضع للتدريب العملي لمدة ٦ اشهر بعد تخرجه من جامعة متخصصة لاعداد المعلمين  علميا وتربويا  ، هذه التراخيص تجدد كل عشر سنوات  خلالها يتوجب على المعلم  ان يجتاز ساعات التاهيل والتدريب  والاطلاع على احدث المعلومات والوسائل التعليمية  في مجال التعليم

اذن فالتعليم لسيت وظيفة بل رسالة لان المعلم يبني انسانا صالحا معرفيا وسلوكيا وكما قالت د. مارغريت غيل المختصصه في تعليم الموهوبين “ ان الفرد الذي لا يؤمن بقدرة الطفل على التعلم لا مكان له في مجال التربية والتعليم”.

 لكل معلم مخلص اقدم له تحية اجلال وتقدير لجعله التعليم رسالة انسانية.

Your Page Title