تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا سنة 1875م -الجزء الرابع-

تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا
تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا تفاصيل رحلة أول سلطان عربي في التاريخ تطأ قدمه بريطانيا

أثير – تاريخ عمان

أثير – تاريخ عمان

إعداد: نصر البوسعيدي

إعداد: نصر البوسعيدي

بعدما اختتمنا الجزء الثالث من رحلة السيد برغش إلى إنجلترا، وتحديدا زيارته إلى مدينة برايطن، نكمل اليوم لكم تفاصيل رحلته في بلاد الإنجليز بتفاصيل مثيرة، وجديرة بالاهتمام ننقلها لكم من النص الأصلي لرحلته المدونة في كتاب تنزيه الأبصار، والأفكار في رحلة سلطان زنجبار عام 1875م.

سعادة السلطان برغش وشرفاء لندن

عاد رئيس أساقفة كنتربري في محفل من زعماء الدين سعادة السيد برغش في قصره، وتلوا بين يديه خطابا صرّحوا به عن شدة رغبتهم في توسيع نطاق الحضارة الأفريقية، وطلبوا من سعادته لأن يمد إليهم يد المساعدة في إجراء مقاصدهم الحميدة.

فردّ عليهم السلطان برغش قائلا: “قد استوعبت خطابكم أيها السادات، وسررت بما عندكم من الغيرة على نجاح بلادي، وإني لأفرغن مجهودي في مساعدتكم ما استطعت، وأسأل الحق سبحانه، وتعالى أن يؤيدني، وإياكم على إجراء ما فيه الخير لعباده”.

بعد ذلك خرج السيد برغش، وحشمه يريد زيارة سعادة الدوق (اف ايدنبره) وقرينته ابنة ملك روسيا، ولبث معهم برهة من الزمن في أنس، ومسامرة، وبعدها عاد إلى قصره برفقة كبير وزرائه وحشمه.

وبعد ذلك خرج بعد الظهر ثانية في رفقة الدكتور (باجر)، والدكتور (كيرك) قنصل جنرال دولة بريطانية بزنجبار، ووزراؤه (حمد بن سليمان)، (وحمود بن أحمد)،و (ناصر بن سعيد)، و(محمد بن سليمان)، ومستر (هيل) كاتم أسرار وزارة الهند، وذهب إلى بستان (ألكساندرا) يريد الفرجة على معرض الخيل، وبعد بضع ساعات عاد إلى قصره، وفي أثناء ذلك أتاه زائرا في قصره الدوق (أف إيدنبره) – ثاني ولد الملكة – في رفقة القومندان (لورد رمزي)، وبعد انصرافهم خرج السلطان برغش إلى دار (لادي درابي) قرينة اللورد (درابي) ناظر الخارجية سابقا، وكانت لادي داربي أولمت للسلطان برغش وليمة فاخرة في ليلة صفاء سر بها السلطان، وكانت الوليمة تضم عدد وافر من كبراء الإنكليز، وشرفائهم مع خواتينهم المخدرات، وبناتهم الكريمات.

وفي غد ذلك النهار قدم الكثير من شرفاء المدينة للسلام على السلطان، ومنهم دوق (أف ريشمند)، والكونت (مونستر) سفير دولة جرمانيا، و(أرل أف مالمسبري) وبعض من أعضاء مجلس الشوري من أمثال (سار شارلس أدرلي).

وفي اليوم التالي قدم إلى قصر السلطان وجوه من الشعب الإنكليزي قد شكلوا لجنة ديدنها السعي إلى إبطال تجارة الرقيق من أفريقية، كان من جملتهم سار (جون كنوي)، ومستر (ريتشارد) وغيرهم من أعضاء مجلس الشورى بالإضافة إلى القس (بوزاكوت) كاتم أسرار اللجنة، فرحب بهم السيد غاية الترحاب، وفي أثناء ذلك نهض القس (بوزاكوت) وتلا خطابا بين يدي سعادة السيد مكتوبا في ورق منقش، فيما يخص تجارة الرقيق وهذا ترجمته:

” إلى سعادة السيد برغش أيده الله…

أما بعد، فليس بخاف على سعادتك، قد انعقدت من سنين عديدة جمعية مؤلفة من رجال إنكليز، وغير إنكليز غرضها إبطال الرق من الدنيا، وإلغاء التجارة ببني آدم، ونحن الحاضرون هنا من جملة أعضاء هذه الجمعية ، لما علمنا بقدوم سعادتك إلى بلادنا سررنا غاية السرور بوصولك إلينا سالما، وغانما ، وقد أتينا الآن نقدم لسعادتك التهاني، ونرحب بمجيئك إلى بلادنا، ونغتنم الفرصة لتقديم الشكر لسعادتك على عقد معاهدة مع الدولة البريطانية سنة 1873م لأجل إبطال تجارة الرقيق من سواحل أفريقية، ومن أملاك زنجبار قاطبة ، ولا يخفى على سعادتك ما غدق على قلبنا من الفرح لما رأينا اهتمامك الزائد في إتمام ما وعدت بها الدولة البريطانية، ولم تحفل بالمتاعب التي تحملتها، وخسائر الدراهم التي تكبدتها ، ولا ريب في أن لك في عين الله حسنة كبيرة على ذلك ، أما نحن فقد صرفنا الهمة إلى النظر في مصالح تجارة الرقيق زمانا طويلا، فوجدنا أنه لا نجاح فيه وأنه لا يصدر عنها غنى ثابت، ولا تفلح أمة، ولا تحصل على نجاح تام إلا باعتصامها بعقائد الدين، ونواميس الطبيعة، والتمسك بعروة المساواة البشرية ، وسعادتك قد وطدت أساس هذه المآثر بسعيك في إبطال تجارة الرقيق الذميمة، وترويج تجارة جديدة، وتوسيع نطاق الحضارة الحميدة ، ولم يبق على سعادتك سوى أن تصرف همتك إلى استئصال الرق، وفتح مواني ممالكك البحرية ،وأنهرها العظيمة لسير السفن الأوربية ترويجا لمصالح شعبك، ومصالح التجار أجمعين، فيكثر الغنى في بلادك السعيدة، وتعمّر مملكتك المخصبة، فإنها ذات تربة حسنة لا مثيل لها ، فإن فعلت هذا ذخرت لك اسما شريفا في صحف التاريخ، وخلدت ملكك، ونلت من الله – سبحانه وتعالى – ثوابا عظيما في الدنيا، والآخرة.

أما السيّاح الذين طافوا في بلاد أفريقية، فقد نقلوا إلى جمعيتنا أخبارا يعز علينا أن نسرد ذكرها على مسامع سعادتك، فقد قالوا: “إن أكثر النخاسين يجتمعون في زنجبار، ويجهزون سفنهم في أسواقها، ويسافرون منها بحرا في طلب الرقيق، ومتى نالوا ما تمنوا من صيد أولئك الزنوج المنكودي الحظ رجعوا إلى زنجبار، ونفقت تجارتهم في أسواقها ، فلا يخامرنا ريب في أن هذا لا يسر سعادتك، ولا تطيب نفسك الكريمة بهذه الأرباح الذميمة، وأنك لتفرغن جهدك في ابطال الرقيق هذه المنكرات القبيحة التي ليس فيها خير للأمة والملك ، ونطلب من الله – سبحانه وتعالى – أن يطيل عمرك بالسعد والإقبال ويؤيدك في عمار تلك البلاد لترى بعينيك نجاحها وفلاحها في عز وأمان”.

فلما انتهى الخطيب من كلامه رد عليهم السلطان برغش بخطاب على رقعة من الرق فحواه كالتالي:

“أيها السادات أعضاء الجمعية البريطانية والخارجية المؤلفة لإبطال تجارة الرقيق صانكم الله…

أما بعد، فشكرا لكم على ترحيبكم بقدومنا إلى بلادكم السعيدة، ونحن قد سررنا كثيرا بمشاهدتكم ، أما إبطال تجارة الرقيق من أملاكنا، فلا بد منها، وإن شاء الله صرفنا تمام الهمة إلى القيام بما وعدنا به الدولة البريطانية، ولكن لا يخفى على فطنتكم الزكية أيها السادات الكرام أن تجارة الرقيق قد تأصلت، وتشعبت في أفريقيا الواسعة من أجيال قديمة، ولا يتيسر لنا استئصالها حالا في برهة، وجيزة من الزمان ، ولنا ثقة تامة في أن جمعيتكم الغيورة، والشعب البريطاني معا قد أدركتم ما قاسيناه من العناء، والمشقات في هذه المسألة، وما خسرناه من الأموال من جراء ذلك، وما زلنا نصرف الهمة إلى إقناع شعبنا باستماع نصائحنا، والسلوك بحسب مشورتنا ابتغاء إرضاء الأمة البريطانية العظيمة، فإنها لا جرم قد سعت في إصلاح بلادنا، وتوسيع نطاق الحضارة في ملكنها بسخاء وهمة عليا ، فنكرر الثناء على مآثركم الحميدة، ولا ننسى مكارمكم العميمة”.

“حُرّر بلندن لأربعة عشر خلت من جمادي الثانية سنة 1292هجرية”

ثم نهض السار (جون كنواي)، وشكر لسعادة السلطان اقتباله لأعضاء تلك الجمعية، وقال: “قد عرفنا حق المعرفة ما قاساه السيد برغش من العناء، وتكبده من الخسائر، وقد صممت تلك الجمعية على صرف الهمة في تسهيل كل المصاعب، وتعويض كل الخسائر”.

فرد عليه السيد برغش قائلا: “حبذا ما قلت أيها السار الجليل، وهذا غاية ما نتمناه”. ثم ودّع أعضاء الجمعية وصرفهم بسلام.

وفي الساعة الرابعة من نفس اليوم خرج السلطان إلى بستان (أورسيل لوج ويمبلدون)، وكان السار (بارتل فراير) قد أولم للسلطان في ذلك البستان وليمة فاخرة، فلما وصل السيد برغش إلى البستان لاقاه السار بارتل فراير بغاية الترحاب والبشاشة وسار بسعادته إلى السيد (لادي بارتل) قرينته، فسلمت على سعادته بلطف، وأنس، وكان في ذلك البستان الكثير من الأشراف، ووجوه الشعب البريطاني، فصرف السيد يومه هناك، وعاد إلى قصره في أمان الرحمن.

في زيارة السلطان برغش لجلالة الملكة فيكتوريا

خرج السيد برغش وحشمه من لندن نهار الخميس 21 جون (حزيران) 16 جمادي الأولى يريد زيارة جلالة الملكة فيكتوريا في قصرها المشيد في قرية (ونزر) -وندسور-التي تبعد عن لندن نحو خمسة، وعشرين ميلا، وقد خرج السلطان من لندن بعد الظهر، وكان برفقته أخص وزرائه: أحمد بن سليمان، وحمود بن أحمد ، ومحمد بن أحمد ، وناصر بن سعيد، ومحمد بن سليمان ، وتاريا توين ، والدكتور كيرك ، واللورد داربي وزير الخارجية ، والشريف سار بارتل فراير ، والدكتور جرجس باجر ، ومستر كليمنت هيل كاتم أسرار وزارة الخارجية ، وقد وصلوا إلى قرية ونزر بعد الظهر بساعتين ونصف.

وكان شعب غفير قد اجتمع في محطة سكة الحديد ليسلم على السلطان رغم المطر، وكانت جنود الملكة مصطفين في سلام سعادته، وهم حاملو راياتهم الشرفية، والموسيقى تعزف بألحان رخيمة، وكان قد قدم إلى المحطة الكولونيل (جاردينز) نيابة عن جلالة الملكة ليلاقي سعادة السلطان، والذي رحب بالسيد برغش فور وصوله.

وكان الشعب يصرخ بأصوات الفرح: أهلا وسهلا ومرحبا بسعادة سلطان زنجبار، فرد السيد برغش السلام عليهم، ولما ركب العربة المخصصة له سلّم الجنود عليه برفع السلاح، وطفقت الموسيقى تصدح بأنغام عذبة، وفي مرورهم بشوارع القرية شاهدوا بناء مدرسة (إيتون) العظيمة وفيها 700 شاب من طلبة العلم، وبعدها وصلوا إلى قصر الملكة، والذي يقع على تل عال فوق نهر (التيمس) ويشغل من الأرض مساحة 13 فدانا، ومشهد أسواره، وما حوله من البروج يدهش العقل، ويحير الأبصار.

فلما وصل جناب السيد برغش ورجاله إلى قاعة الاستقبال قدمت جلالة الملكة (فيكتوريا)، وابنتها الأميرة (لويزة)، والأميرة (بياتريس) أصغر بنات الملكة وسلمن على السلطان في حجرة الاستقبال التي كان قد عني أهل القصر بتزينها أحسن زينة، وأرضها مزينة بتماثيل جميلة كان قد نحتها النحات الماهر (غرينلين جيبون) الشهير.

وبعد ذلك طلبت جلالة الملكة من السيد برغش بأن يجلس بجانبها، فجلس بوقار ملوكي، وأخذ يتفاوض مع الملكة باللغة العربية، وحضرة الدكتور باجر يترجم كلامه إلى الملكة بالإنكليزي.

ثم حضر رجال الدولة، وحريمهم بأفخر الملابس، وهن مزينات بمصاغ من الذهب، واللؤلؤ والألماس، فسلمن على سعادة السلطان بألطف سلام، ورحّبن بقدومه باحتشام، وبشاشة، وبعد أن لبثوا مدة في الزمان يتسامرون مع سعادة السلطان بأنس وحبور ، استدعوا سعادته إلى قاعة السفرة للجلوس، وتناول الطعام، وكانوا قد أعدوا فيها من الأطعمة الفاخرة، والمحالي النفيسة ما طابت به نفوسهم.

وفي أثناء ذلك نهضوا عن السفرة وأخذ اللورد ( شامبرلين ) أمين دار الملكة سعادة السلطان، ورجاله ودار بهم في القصر، وفرجهم على جميع القاعات والمخادع.

وفي الساعة الرابعة بعد الظهر توادع جناب السيد برغش مع جلالة الملكة، والأميرات بناتها وخرج من القصر متجه إلى لندن برتل مخصوص كانت جلالة الملكة أمرت بتجهيزه لسعادته.

وبعد انصراف سعادته من القصر جرى الكلام بينه، وبين رجاله على ما أبدته جلالة الملكة من اللطف ، والإكرام في حقه فقال السيد برغش أعزه الله:

“قد رأيت بعيني الآن ما كنت أشتهي عليه من نعومة أظفاري، وتشرفت بالنظر إلى محيا ملكة الإنكليز وجها بإزاء وجه، فكان أبي تغمده الرحمن برحمته يحكي لنا، ونحن صغار عن الملكة فيكتوريا، ويقول: إنه يود لو تسمح له المقادير بمشاهدة الملكة الجليلة، ولكن قضى نحبه ولم يقض وطره.

أما الذي زادني رغبة في مشاهدة ملكة الإنكليز، فهو من الأمور المستغربة ، فإني رأيت كثيرين من الإنكليز سواء كانوا من القواد، أو من الجنود، أو من التجار يمدحون غاية المديح هذه الملكة العظيمة ، ويثنون عليها كل الثناء ويودونها ودادا لا حد له، ولم أشاهد باقي الأمم يودون ملوكهم وملكاتهم وداد الإنكليز لملكتهم، وهذا جعلني أزداد رغبة في مشاهدة الملكة التي هي أشبه بحجر المغناطيس تجذب إليها قلوب القاصي والداني، وحسبك شاهد على ذلك ما رأيته بالأمس في قصر البلور، فإن الناس لما سمعوا الموسيقى تصدح بغناء الملكة نهضوا جميعا، وكشفوا عن رؤوسهم إجلالا لذكر اسم الملكة ، ولعمري لم يحرضهم أحد على القيام، وإنما قاموا من تلقاء أنفسهم لشدة توددهم إلى ملكتهم العظيمة، ولا جرم أنها عز الأمة البريطانية ومجد المملكة وأصل نجاح الشعب وفلاحه ، فمن لا يؤخذ من جانبي الدهشة، والتعجب عندما يرى امرأة جالسة على كرسي مملكة عظيمة لا تغرب الشمس عن سلطانها ،وهي تحكم وتسوس ولا يجري في الملك شيء بدون أمرها ، فسبحان من أعطى هذه المرأة حكما، وعلمها الجلوس على العرش وأيدها على سياسة الملك وجعل الأمة تنقاد إليها انقياد البنين لا انقياد العبيد ، فهي تسحر الناظر إليها ليس بعظمة سطوتها، وتلال الجواهر التي تسطع عليها، وحوليها من كل جهة ، وإنما تجذب القلوب إليها بلطف وأنس لا مزيد عليهما ولا مثيل لهما وهذا اللسان قاصر عن وصف جميع محاسنها صانها المولى وأبقاها ذخرا للملك وعزا لأمة الإنكليز .. آمين”.

في زيارة السلطان لدوق أف كمبريج ابن عم الملكة فيكتوريا

خرج السيد برغش في حشمه يريد زيارة دوق اف كمبريج في منزله، فخرج الدوق إلى لقائه، ورحب بقدومه، وأتى به إلى قاعة الاستقبال وجلسا يتفاوضان برهة من الزمان، وكان الدوق لابسا الملابس الرسمية في زي عسكر الجنود البريطانية لأنه كبير قواد العساكر وهو ابن عم الملكة فيكتوريا ولد سنة 1819م.

وبعد أن لبث السيد برغش يتفاوض مع الدوق بواسطة الترجمان استأذن من الدوق للانصراف ، وشكر له مكارمه، ثم خرج السلطان يريد الإياب إلى منزله وفيما هم كانوا سائرين قال السيد برغش لكبير وزرائه:

“ما رأيك بهذا الدوق؟ هو عندي جندي بطل، وكل شعرة من شعره دليل على جبروته، ولكن لهذا الجندي البطل قلب حنون أيضا، فإني رأيته يود أهله مودة قلبية وسار بي من حجرة الاستقبال إلى حجرة درسه، وأراني هناك كتبه وتواليفه وصور أولاد أخته، وهو يجل الملكة غاية الإجلال، فإن كان قائد الجنود الإنكليزية هو هذا البطل، فلا عجب أن تكون جنوده غير مقهورة، فعز الجنود قائدهم، بارك الله فيه وفي أمته”.

وللرحلة بقية…

==================

المرجع: تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار، تأليف زاهر بن سعيد، تحقيق أحمد الشتيوي، 2007، وزارة التراث والثقافة مسقط.

المرجع

Your Page Title