أثير – تحقيق: مروى بنت ثابت العبرية ورهام بنت علي الربعانية
نشهد في وقتنا الحالي تطورًا تكنولوجيًا بات يغزو العالم بما فيه من مجالات، خصوصا الذكاء الاصطناعي وسار على الصناعة والتجارة والتعليم والصحة، مستفيدا منه الإنسان لكي يواكب العصر في التطور، فعمل الإنسان على ابتكار الروبوت ليكون مساعدًا له لإكمال المهام على أتم وجه. وفي الآونة الأخيرة استعان به الإنسان في عمل حساس ألا وهو “العمليات الجراحية” وهذا ما أدى الى نهوض الثورة الصناعية الرابعة. فابتكر الإنسان معجزة تقنية غير مسبوقة للعمليات الجراحية باستخدام أول روبوت والذي سمي بـ”دافنشي روبوت”.
تعد التقنية في الجراحة الروبوتية آخر ما توصلت إليه التطورات والتقنيات في مجال الجراحة تحديداً، إن إجراء العمليات الجراحية في ظروف غير مريحة هو الهدف الذي جعل الأطباء يستخدمون هذا الروبوت، فهناك فرق بين العمليات العادية والجراحية، لتمكن الروبوت بإجراء عمليات ذات دقة عالية وبإتقان فهو مكمل ممتاز للطبيب نظرا لهذه التدخلات الجراحية التنظيرية، ومع مرور الوقت، بإمكان هذا النوع من الذكاء الاصطناعي تطويره أكثر بحيث يلغي حاجة الطبيب الجراح في التدخل والقيام بالعمليات الجراحية.
وللتساؤل أكثر عن الخطط المستقبلية للاستعانة بالروبوتات في سلطنة عمان وكيفية تقبل الناس لها، قمنا بالتواصل مع العديد من المهتمين في هذا المجال، حيث أكد الدكتور صلاح محمد خلف استشاري أول جراحة عامة بأن في الفترة الحالية لا توجد خطة عاجلة في المستقبل القريب للاستعانة بالروبوت في العمليات الجراحية في السلطنة، بما أنه لا توجد في الوقت الحالي خطة مستقبلية فيعتقد أنه من الصعب التكهن في تقبل المجتمع لأي عمل جراحي جديد، لأن أي إجراء جراحي جديد يحتاج الى فترة زمنية لإعداد المجتمع له، أو معرفة المريض عن خطورة هذه الجراحة والفوائد المرجوة منه حتى لا يكون هذا الإجراء غامضًا للمجتمع في المستقبل.
فيما قال عامد بن خميس العريمي استشاري جراحة القولون والمستقيم في المستشفى السلطاني أن هناك توجه للاستعانة بنظام الروبوت في العمليات الجراحية في السلطنة، و قد تم الاجتماع مع الشركات المعنية من أجل الحصول على النظام الأفضل من هذه الروبوتات، مضيفًا بأنه سيكون هنالك تقبل من قبل المجتمع إذا كانت هذه الخاصية تعطي الأفضل في نتائج العمليات الجراحية المعقدة.
وأيده في الرأي أخصائي جراحة عامة أحمد سالم العوفي والذي قال بأن هنالك خطط تم مناقشتها سابقا لالاستعانة بالروبوت في السلطنة وإحدى هذه الخطط على مستوى الوزارة وعلى أساس تبني الخطة في المستشفى السلطاني ولكن بسبب ضعف التمويل لم يتم تبني الخطة ,وأعتقد أن المجتمع لن يعترض على فكرة تقبل هذه التقنية لأنها لا تضر الانسان وبعكس ذلك ستفيده والتعامل مع التقنية يكون أكثر مع الناس الذين يشتغلون في هذا المجال.
وللحديث أكثر عن آراءهم في العمليات الجراحية هل ستكون بين أيدي جراحين أم أن المهمة سيتم توكيلها كليا على الروبورتات، قال الدكتور صلاح أنه بالنسبة للروبوت لابد من الجراح أن يكون متواجداً معه ويهيمن على الآلات ووضعها بطريقة معينة مع تضبيطها بشكل معين، والطبيب يقوم بالجراحة من على بعد ويتحكم بالآلات عن طريق الأجهزة، هذه المرحلة يطلق عليها جراحة رقم ثلاثة، لأنه يوجد جراحة رقم واحد وهي الجراحات التي يتم فيها فتح جسم الإنسان و سيأتي عليها زمن ستبقى في عُرف التاريخ، إلى درجة أن استئصال المرارة بالفتح أصبحت حاجة من التاريخ. ومن الآن تعتبر تاريخية نظراً للنجاحات المتوالية لهذه الجراحات. أما بالنسبة للجراحين فلا غنى عنهم في هذه المرحلة حتى باستعمال الروبوت.
وأعرب العريمي أن نظم الروبوتات الحالية لا تعمل تلقائيا و إنما تعمل من قبل جراحين مختصين في جراحة الروبوتات ولذلك ستكون هذه الروبوتات تحت إشراف الجراحين و سيتم الاستعانة بها في الجراحات الدقيقة والمعقدة, والهدف من الاستعانة بالروبوتات في الجراحة هو تسهيل الجراحات عن طريق استخدام اجهزة صغيرة ودقيقة تعمل في فراغات صغيرة جدا. ووافقه العوفي في الرأي بأنه في حال الاستعانة بالروبوت لآداء العمليات الجراحية يجب أن يكون هناك جراح متواجد في العملية للتحكم بالروبوت ويتم التحكم بالروبوت في مقصورة وتتواجد في غرفة العمليات أو في مكان بعيد عنها أو حتى في دولة ثانية ولكن بوجود جراح يتابع العملية ويتحكم بالأدوات المستخدمة لإجراء العملية, بما يعني أن الربوت غير منفصل عن العملية والتقنيات تتحدث عن العمليات الرقمية فيتم برمجة الأنظمة لعمل العملية ولكن العلم لم يتوصل لهذه التقنية بعد.
وأيدهم أيضا الوليد البطاشي طالب طب بقوله :”لا اعتقد أن الاعتماد سيكون كليا على الروبوتات في السنوات القادمة، وذلك للتغيرات الفسيولوجية الكبيرة بين الأفراد والتي ستشكل عائقا في ضبط إعدادات وبرمجة هذه الروبوتات، ما زال وسيزال التحكم بهذه الروبوتات في أيدي الجراحين للعقدين القادمين على الأقل.”
وأكد أمجد بن سيف الرواحي طالب في كلية التمريض بجامعة نزوى أن العمليات لن توكل كليا على الروبورتات في السنوات القادمة ولكن هناك احتمالات واردة بإيكال بعض العمليات على الروبوتات وقد تكون صغيرة وبسيطة ومحددة.
وخالفتهم في الرأي الطالبة زينب خميس الناصرية طالبة في كلية عمان للعلوم الصحية في قولها :” أعتقد أن الروباتات من المحتمل أن تتوسع بشكل أكبر في السنوات القادمة فكما نرى أنه من الواضح إمكانية تعلم الناس القيام بالعمليات الجراحية من قبل الروبوت أسرع بكثير ومنحنيات التعليم أصبحت أدق من الجراحة التقليدية خصوصا بالمنظار.
في ظل تطور العالم التكنولوجي نرى الكثير من والتساؤلات عن إحلال الروبوتات محل الأطباء في معالجة الناس. من هنا أشار طبيب الجراحة العام أنه لا يتوقع مئة بالمئة إحلال الروبوتات محل الأطباء خاصة مع بداية إجراء جراحي جديد أو تكنولوجيا جديدة. ولا يمكن الاستغناء عن الجراحين أو العنصر البشري بصفة عامة. ففي البداية لابد أن يكون العنصر البشري موجود لأنه هو صاحب الفكرة أساسا، أما اذا تم الاعتماد على الروبوت بنسبة مئة في المئة لا شك أن نسبة الأخطاء ستكون أكبر إلى أن يمارس الجراحين أو المؤسسة الصحية هذا الإجراء الجراحي عن طريق الروبوتات بطريقة ما، وشيئا فشيئا يتم الإحلال ولكن ليس بصورة كاملة إطلاقاً، لكن الاستغناء يتزايد تدريجياً من التعتماد البشري إلى أن يصل بنسبة أقل من المعتاد بعد التحكم في الآلات والسيطرة عليها وبعد ممارسة صحيحة للأجهزة التكنولوجية العالية الجودة لكن الاستغناء التام عن العنصر البشري فلا يعتقد أنه سيحصل بتاتا.
وأوضح الدكتور عامد أنه لا توجد هنالك أي تقنيات طبية تحل محل الجراحين، و نظام الروبوتات الحالية ما زالت في قيد التجربة من حيث إمكانيتها في إجراء عمليات جراحية بشكل مستقل ولا يعتقد أن هنالك أي نجاح في هذا الصدد، لذلك لن تحل محل الجراحين.حيث كان أحمد بين مؤيد ومعارض عن إحلال الروبوتات محل الأطباء في معالجة الناس ومن الجانب الإيجابي لإحلال الروبوت محل الإنسان بأن الدقة في أداء العملية ستكون أكثر من العمليات بالمناظير والعمليات الاعتيادية بين يدي البشر .أما بالنسبة للسلبيات بأنه عندما يتم الاعتماد الكلي على الروبوتات يمكن أن يضَعف من المهارات في حال احتياجهم للرجوع إلى العمليات التقليدية. وذكر قائلا أن في عصر المناظير إذا قمت بسؤال الناس عن العمليات المفتوحة ستجد لديهم ضعف في هذا الجانب لأنهم لم يتعودوا على العمليات المفتوحة واعتمدوا على عمليات المناظير وكذلك الحال إذا اعتمدوا على الروبوتات يمكن أن يقل اعتمادهم على المناظير والعمليات المفتوحة، فخبراتهم في هذا المجال تقل والروبوتات غير معصومة عن الخطأ لأنه يتم برمجتها وهناك أكثر من حالة يخطئ بها الروبوت وأدى ذلك الى مخاطر. كما أنه استدل بمثال على ذلك بأنه تم إجراء عملية في إحدى مدن أمريكا حيث ذهب الجراح الذي يقوم بالتحكم بالروبوت لأخذ كوب من القهوة وترك الروبوت على وضع لم يعمل فيه مما أدى إلى وفاة المريض، فهذه واحدة من السلبيات وهذا يعني أن الروبوت نفسه لا تستطيع أن تتحكم به تحكم تام ويظل هناك عنصر يمكن الإنسان أن يغفل عنه, ولأن هذه التقنية يتم التحكم بها عن طريق أجهزة الحاسوب فيمكن أن تتعطل أو يحدث لها خلل ممكن أن يؤثر على حياة المريض أو تؤدي إلى وفاته.
وأضاف إليه البطاشي أن مع التقدم العلمي نجد أن إيجابيات الروبوتات عديدة كجهد أقل، نتائج أكثر دقة، إنتاج مسميات وظيفية جديدة وفرص عمل للتعامل مع هذه الروبوتات كذلك. وبما أن مصطلح الروبوتات شامل دلل على ذلك بمثال أن الروبوت الجراحي دافنشي (da Vinci) من إيجابياته التعامل الدقيق مع بيئات جراحية صغيرة مما يقلل فرص النزيف. في الجانب الآخر نجد أن الجوانب السلبية للربوتات من الممكن أن تمثل في أسعارها الباهضة الثمن وكذلك أسعار عملياتها. فسعر ربوت دافنشي الواحد يكلف ما يقارب ثلاثة ملايين دولار أمريكي وسعر العملية الواحد يكلف من ثلاثة إلى ستة آلاف دولار أمريكي. كذلك استخدام الروبوتات يحتاج إلى تدريب مكثف للجراح علاوة على سنوات خبرته ودراسته وكذلك هو مكلف للجراح أو المؤسسة الداعمة. بالإضافة إلى أوزان الروبوتات الجراحية كذلك ما زالت ضخمة وتعد غير فعالة في حالات الطواريء أو المرضى المعرضين لخطر الموت على الطاولة. كذلك التطور في مجال الجراحة التقليدية والمنظار قد قطع شوطا كبيرا وله نتائج مميزة بالمقارنة بالروبوتات لو حسبت عن طريق النسبة بين الكلفة والفعالية. ومن جانبه أوضح الطالب أمجد عن وجهة نظره في الإيجابيات والسلبيات , ومن الإيجابيات التي بدورها قد تعزز فكرة الاحلال وأضعفها بأن بعض الأطباء قد تصيبهم رجفة ولكن الروبوتات تكون متقنة لذلك أما بالنسبة للسلبيات قد تكون الروبوتات معرضة للبرمجة الخطأ, وأيضا بإمكان أي عملية جراحية قد يحدث بها أعراض أو مضاعفات وليدة والعقل البشري يمكنه أن يتداركها بخلاف الروبوت الذي قد يكون بحاجة الى برمجه ليتدارك ذلك الخطأ. وأبدت زينب أيضا رأيها في الإيجابيات والسلبيات لإحلال الروبورت محل الأطباء, الإيجابيات كثيرة لاستخدام الروبوتات الجراحية ألا و هي حدوث مضاعفات أقل مثل عدوى الموقع الجراحي مقارنة بالطريقة التقليدية، ألم وفقدان دم أقل ويكون الشفاء بشكل أسرع. أما السلبيات فمن الممكن أن تنطوي الجراحة الروبوتية على المخاطر والتي يمكن أن يماثل بعضها المخاطر الناجمة عن الجراحات المفتوحة التقليدية، مثل الخطر المحدود بشأن الإصابة بالعدوى أو غير ذلك من المضاعفات.
وللنقاش أكثر عن الاختلافات في الآثار الجانبية بين العملية التقليدية وعملية الروبوت يقول صلاح أن كلما زادت التقنية نجاحاً وكلما وُجد تحكم في الأجهزة التكنولوجية الحديثة بشكل صحيح قلت المضاعفات بشكل أكبر، و اذا تم التحكم بشكل أدق ستكون نسبة الخطأ في إستعمال الآلات وبمساعدة العامل البشري أقل بكثير. ومن جانبه أعرب الدكتور عامد عن رأيه بأن هنالك بعض الاختلافات في الآثار الجانبية والتعافي بعد عمليات الروبوتات، حيث أن الدراسات أوضحت أن المرضى اللذين تجرى عليهم عمليات الروبوتات يتعافوا بشكل أسرع. كما عبر العوفي عن رأيه في الآثار الجانبية بين العملية التقليدية وعملية الروبوت أنه لا يوجد اختلاف كبير بين هاتين العمليتين و لكن يمكن أن تكون بعض الآثار الجانبية أقل حدوثا في عمليات الروبوت لأن الدقة من الممكن أن تزيد في أيدي المحترفين. أما عن رأي الطالب أمجد في هذا الأمر فقد ذكر أن هناك اختلاف في الآثار الجانبية بين العملية التقليدية وعملية الروبوت بحيث أن الروبوت ليس له القدره على المراقبه الإكلينيكية للمريض غير الجراح البشري الذي يجري الجراحه بكل حواسه تحسبا لأي طارئ.
صرح الدكتور صلاح محمد عن تجاوبه مع هذه التقنية أنه من الصعب جداً التجاوب في هذا الأمر لأنه ليس على دراية كاملة في هذا الموضوع إلا دراية عن بُعد. وكل شي حديث يبدأ فيه صعب إلى درجة الرفض لكن مع الوقت و مع تطور الآلات وتطور الإنسان في استعمالها استعمالا حديثا لا شك أنه سيقتنع بها وسيتقبلها تقبل تام. وقد استدل على ذلك بقوله أنه من جيل الثمانينات القديم عندما بدأت جراحة المنظار كان الجراحين قد رفضوها، و عندما أصبحت التقنية متاحة وأغلب الناس قد مارسوها أصبح قبولها أمر عادي جداً.
و أضاف العريمي إلينا قائلا: “أنني تجاوبت بشكل إيجابي وتيقنت بأن هذه التقنية ستحدث طفرة في عالم الجراحة وأنها ستمكن الكثير من الجراحين من إجراء عمليات تنظيرية ومعقدة كانت شبه مستحيلة في الماضي”. بينما عارضه في الرأي أخصائي الجراحة قائلا: “أنا من المعارضين لهذه التقنية بسبب أنها تضعف الجانب المهاري لدى الجراحين و هذا أكبر الأسباب التي أدت الى اعتراضي على هذه التقنيه لكن لا يمنع من تعلمها و إتقانها”.
و من المميزات اللافتة في «الروبوت» و الذي جعلته يحتل هذه المكانة في المجال الصحي أكد صلاح بأنه يعتمد على الدول، إذا كانت الدولة متقدمة ومتطورة مثل ألمانيا وروسيا لا شك أنه توجد مميزات لأنه الروبوت سيعطى الأمر ثم يطيع أما الإنسان عكس ذلك، كلما واجه مشكلة أثناء العملية سيحاول التفكير فيها بعقله أما الروبوت يأخذ قياسات وأوامر معينة فلا يحيد عنها وبالتالي ستكون نسبة الخطأ أقل بكثير، ولكن هذا يحتاج إلى تدريب ووقت أكبر خصوصا أنه لم يتم ممارسة هذه التقنية في سلطنة عمان حتى الآن. و أبدى عامد رأيه في المميزات أن هي تمكين الجراح من إجراء عمليات معقدة في حيز صغير من جسم الانسان مثل الحوض، الصدر، الجمجمة و يجعل هذه المميزات تحتل مكانة كبيرة في المجال الجراحي.
تعتبر مهنة الطب رسالة تهدف إلى المحافظة على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وإلى التخفيف من آلامه ورفع مستواه الصحي العام. في ظل وجود روبورتات العمليات الجراحية يتم تطبيق قانون الجزاء في حالة وقوع خطأ طبي يطبق قانون الجزاء كما يطبق في العمليات الأخرى، بسبب نقص الخبرة و الإهمال وغيرها من الأخطاء وهذا ما أكد عليه الدكتور عامد العريمي.