أخبار عالمية

بالصور: تعرف على هرم العمارة الإسلامية بقاهرة المعز؛ مسجد ومدرسة السلطان حسن

القاهرة-أثير

إعداد الباحث: محمود محمد صادق- جمهورية مصر العربية

أنشأ هذا المبنى السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، أحد أبرز سلاطين دولةالمماليك البحرية بمصر والشام؛ عام 757هـ 1356م، وظل العمل جاريا لمدة ثلاثسنوات حتى قتل على يد بعض المماليك مما أدى إلى عدم إكمال بعض الأعمالالزخرفية المعمارية بالمنشأة،حتى تولي بشير الجمدار، الذي تولى مهمة إتمام المبنىحتى كان الفراغ منه في عام 763هـ 1362م.

 يقع المجمع الأثري للسلطان حسن بالقاهرة بميدان صلاح الدين في مواجهة قلعةالجبل من خلال الواجهة الجنوبية الشرقية ؛ كما تطل على شارع محمد علي من خلالالواجهة الشمالية الشرقية والتي يوجد بها المدخل الرئيسي ، يقف هذا المجمع الأثريالذي يضم منذ إنشائه مسجدًا ومدرسة ومستشفى، ليعبر بشكل كامل عن توظيفالمنشأة بكافة الأغراض الضرورية اللازمة في ذلك الوقت، حيث كان الإنفاق اليوميعلى تشييد المبنى باهظ التكاليف إذ تراوحت النفقات اليومية ما بين 18 إلى 20 ألفدرهم في اليوم الواحد وربما أكثر من ذلك- مما يدل على حرص السلطان في إخراجالمبنى بصورة غاية في الجمال والتنظيم.

 

ويذكر الورثيلاني؛ الرحالة المغربي في وصف مسجد ومدرسة السلطان حسن  بأنهمسجد لا ثاني له في مصر ولا في غيرها من البلاد في فخامة البناء وجماله ونباهته.-من جهة أخرى يوضح المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي في كتابه “الخطط”  لايُعرَف في بلاد الإسلام معبد(مسجد) من معابد المسلمين يحاكي هذا الجامع, فيعجائبَ البنيان؛ كما يذكر أن إيوانه الكبير بجهة القبلة يبلغ  60 ذراعًا  وهو بذلكأكبر من إيوان كسرى بالمدائن بخمسة أذرع مما يدل على مدى اتساع السطح المقبىوالمغطي للإيوان.

 

 وتعُد هذه المنشأة سواء إن كانت تعليمية أو دينية رائعة من حيث الفن المعماري فيالتخطيط وتشييد الأواوين الداخلية واتساع الأقبية المغطية لها كما تنفرد هذه المدرسةبأكبر إيوان معقود في العمارة الإسلامية وهو إيوان القبلة وقد بلغت النفقات علىالقالب الذي شيد به عقد الإيوان المدبب حوالي 20 ألف دينار، كما تعد المقرنصاتالحجرية للمدخل الرئيسي بها من الأمثلة النادرة في نوعها. ومن مميزات مدرسةالسلطان حسن ليس فقط في ضخامة المنشأة بمئذنتيها الرشيقتين والتي تعد منالمعجزات المعمارية بحسب المقياس والتقنيات لتعبر عن الإمكانات التي كانت متاحةلابن بيليك المحسنى في العصور الوسطى، ولكن أيضا لقدرة المدرسة على الصمودأمام القصف المدفعي لمماليك القلعة وأيضا اهتمام زوجة محمد على باشا التي  حاولت محاكاة هذا الصرح المعمـــــــاري العملاق  بإنشاء جامع الرفاعي فيمواجهته لكنه جاء دونًا رونقا وجمالا- رغم أن بناء مسجد الرفاعي  استغرق قرابةعشرين عاما فإن السلطان حسن قد شيّد هرمه المعماري في نحو خمس سنوات لاأكثر لتكون هذه المدرسة حقا (تــاج العمــــــــــــــارة الممـــــــــــلوكيـــــة).

التخطيط المعماري

يتألف التخطيط العام لمسجد ومدرسة السلطان حسن، من أربعة أيونات حول الفناءالمكشوف بمساحة (34×32) مترا، يعد أكبر هذه الأواوين ايوان القبلة، الذي يمتازبوجود المنبر والمحراب بداخله. تم بناء المدرسة على الطراز المملوكي المتعامد الأبعادمن جهاته الأربع من حيث التخطيط العام والذي شاع انتشاره في المدارس المملوكيةآنذاك. وتبلغ المساحة الكلية للمبنى بالأمتار 7906 م2 بمساحة طولية حوالي 150موعرضها ما بين  68مترا.

يقع المدخل الرئيسي للمدرسة في الطرف الغربي للواجهة الشمالية، ويبلغ ارتفاعه37.80 م كما أنه يمتاز بوجود الزخارف الحجرية والرخامية الي تحيط بالمدخل ولكنبعضها لم يستكمل بعد مقتل السلطان حسن، كما يتوج المدخل أيضا مجموعة كبيرةمن المقرنصات الحجرية التي لا مثيل لها في تصميمها الهندسي إلى جانب ذلك فنالباب الرئيسي للواجهة قد نقلا إلى جامع شيخ المؤيد عام 818هـ الموجود بباب زويلة،ولكن السلطان برسباي قد أضاف إلى الواجهة الباب الحالي ضمن التجديدات التيألحقت به في عام 825هـ.

 

يتألف صحن مدرسة ومسجد السلطان حسن، من مساحة مربعة الشكل ومنتظمةالأبعاد بموجب مساحة كلية حوالي (34×32) مترًا تفتح عليه أربعة أيونات منالجهات الأربع ،ويتوسط الفناء الميضأة، التي تعلوها قبة خشبية محمولة على ثمانيةأعمدة رشيقة من الرخام الأبيض، وقد سجلت بدائرة خوذة القبة من الداخل كتاباتنسخية قرآنية- يشرف على الفناء أربعة إيوانات متقابلة ومعقودة أكبرها وأهمها إيوانالقبلة، تنحصر وظيفتها المعمارية منذ التأسيس على أنها أربع مدارس لتعليم المذاهبالإسلامية الأربعة كما كتب على هذه الأواوين “أمر بإنشائها السلطان الشهيدالمرحوم الملك الناصر حسن بن  محمد بن قلاوون في شهور سنة 764 هجرية”.

إيوانات

المذاهبالإسلامية

764

 

يطل إيوان القبلة على الصحن، والذي يذكر المقريزي أنه أكبر من إيوان كسريبالمدائن بخمسة أذرع، هذا الايوان الضخم يغطيه قبو فتحة عقد السطح المقبي لهتصل إلى 19.20 مترا ويبلغ عمقه حوالي 32.5 متر، كما أن جدران هذا الإيوانكُسيت بالرخام والأحجار الملونة ويحيط بأيون القبلة كله افريز من الآيات القرآنيةمكتوبة بالخط الكوفي المزهر.

المحراب

 يستقر محراب المسجد بجدار القبلة على هيئة حنية نصف دائرية مزخرفة بالرخامويتصدر وجهة المحراب أربعة أعمدة بموجب عمودين من كل جهة. أما المحرابفُزخرِف بمجموعة من الزخارف القرآنية والأشكال الهندسية ويتوج المحراب من أعلىقبة على هيئة نصف دائرة.

المنبر

إلى جانب المحراب يقع المنبر الذي يتألف من الرخام الأبيض وله باب من الخشبالمصفح بالنحاس والمحلي بالنقوش المذهبة كما تزين أعلى وجهة المنبر بعض العباراتالدينية، ويتم الصعود على مجموعة من درجات السلم كما ينتهي المنبر من أعلاهبجوسق قمته على هيئة القلة ومزخرفة، كما يوجد بأيون القبلة دكة المبلغ التي عبارةعن شرفة مربعة الهيئة من الرخام الأبيض ومحمولة على أربعة أعمدة من الجوانبالأربعة لها.

 القبة

 خلف إيوان القبلة توجد القبة الضريحية يتم الوصول إليها عبر بابين يكتنفان المحرابمن اليمين واليسار،  الباب الذي بالناحية الجنوبية مصفح بالنحاس الأصفر المكفتبالذهب وعليه اسم السلطان حسن والآخر فقد كسوته المعدنية التي يبدو أنها سلبتفي القرن التاسع عشر بواسطة التجار، وعلى الرغم من اندثار القبة الأصلية للمبنىإلا أن تخطيط القبة الحالية يمتاز بأنه  ذو قاعدة مربعة طول كل ضلع من أضلاعها21 مترا ويبلغ أقصى ارتفاع لخوذتها 48 مترا وكان ذلك بعد تجديدها على يد الواليالعثماني إبراهيم باشا في عام 1082 هـ، وهي مبنية على طراز القباب المغولية التييحيط بها من الخارج أكتاف اسطوانية، في واقع الأمر أن القبة الأصلية التي هدمتكان يظهر من كتابات الرحالة الأوروبيين الذين زاروا مصر في بدايات القرن الحاديعشر الهجري (17 م) أنها كانت أكثر ارتفاعا من الحالية وكانت تشبه القبابالسمرقندية ذات الرقبة الطويلة.

منارتا المسجد

 كان المخطط العام للمدرسة أن تضم أربع مآذن، تم الانتهاء الفعلي من تشييد ثلاثفقط، وكان ينوي بناء المئذنة الرابعة لولا سقوط المئذنة الثالثة التي كانت مشيدة علىالكتف الأيمن للمدخل الرئيسي وذلك لخلل معماري ناجم عن خطأ في حسابات ثقلأحجارها على قاعدة البناء وكان سقوطها سببًا في وفاة بعض المارة، عندئذ تمالتخلي عن فكرة بناء المئذنة الرابعة التي كان من المقرر لها أن تحتل الكتف الأيسرللباب الرئيسي.

 ويبلغ ارتفاع المنارة التي تقع بالزاوية الجنوبية 81.6م ولها هيئة مربعة الشكل ولهاقمة من أعلاها على طراز القلعة وتعود للعصر المملوكي، والمنارة الشرقية هيمستحدثة البنية سقطت في عام 1070هـ وجددها إبراهيم باشا عام 1082هـ، وتقعإلى الشمال الغربي من المدرسة.

المصادر:

–        احمد، رمضان احمد (1983) الخلافة في الحضارة الإسلامية، ط1، دارلبيان العربي، جدة.

–        محمد، سعاد ماهر(1985). العمارة الإسلامية على مر العصور، دار البيانالعربي – جدة.

–        -مؤنس، حسين، (1987) أطلس التاريخ الإسلامي، ط1، الزهراء الإعلاميالعربي، القاهرة.

–         دواد، مايسة محمود، (1987) الكتابات العربية على الاثار الإسلامية، ط1،القاهرة.

–        عثمان، محمد عبد الستار، (اغسطس 1988) المدينة الإسلامية، عالمالمعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون، الكويت

–        حبش، محمد (1992) المسلمون وعلوم الحضارة، ط1، دار المعرفة، دمشق.

–        ابن بلهيد، محمد بن عبد الله (1418) صحيح الاخبار عما في بلاد العرب منالاثار، ط3، خمسة أجزاء، دار عبد العزيز للطبع.

–        بهنسي، عفيفي، (1990) جمالية الفن العربي، عالم المعرفة، المجلسالوطني، الكويت

Your Page Title