أبجد

محمد الهادي الجزيري يكتب: طرائف ونوادر من شهر رمضان الكريم

محمد الهادي الجزيري يكتب: طرائف ونوادر من شهر رمضان الكريم
محمد الهادي الجزيري يكتب: طرائف ونوادر من شهر رمضان الكريم محمد الهادي الجزيري يكتب: طرائف ونوادر من شهر رمضان الكريم

طرائف ونوادر من شهر رمضان الكريم

” ترى الشباب يوزّعون الماء والتمر في الطريق وعند إشارات المرور للمتأخرين عن بيوتهم بعد أن أدركهم موعد الإفطار وهم في الطريق… والفضيلة التي لن أنساها وأنا أشاهد أن بعض هؤلاء الشباب ممن يدينون بالديانة المسيحية
تعاطفا مع إخوانهم المسلمين…”


محمد الهادي الجزيري

بكلّ ما في القلب من أمنيات ..أرجو لكم شهرا يباركه الله ويغدق فيه عليكم بالخير واليمن والبركة ..، وبمناسبة الشهر الكريم ..اخترت لكم شهادات مجموعة من الأصدقاء ..حول نادرة أو ذكرى متعلّقة بالشهر السمح المبارك …، وقد لبّى العديد منهم الدعوة ..وكتبوا لي عن أحداث مضحكة في طفولتهم وعن مقالب كثيرة فيها طرائف …

أوّل الأصحاب الذين حفروا عميقا في الذاكرة ..الصديق عبد الرزاق بوكبة من الجزائر حيث عاد بنا إلى طفولة ورمضان وجدّ وأتراب …أترككم معه :

عندما كنتُ طفلا في قريتي أولاد جحيش، كنت أعتقد أن رمضان إنسان من لحم ودم وروح، ذلك أن الجميع يسمّونه سيدنا رمضان ويقولون ”جاء رمضان ـ مات رمضان” ويقدسونه تقديسا أكثر من الصّلاة، وكنت أسأل: أين هو سيدنا رمضان؟ لماذا لا أراه؟ مرة قال لي أبي رحمه الله: إذا أردت أن تراه فصم، وطبعا أصبحت صائما وأصررت على أن أتم الصيام إلى غاية المغرب حتى أحظى برؤية سيدنا، لكنني فقدت وعيي مع العصر ما جعلهم يرغمونني على الأكل والشرب، فاتني أن أراه ذلك اليوم، لكنني هل استسلمت؟ كنت طفلا عنيدا فبيّت النية على أن أصوم الغدَ، لذلك فقد أكلت وشربت في السحور كما لم أفعل من قبل حتى لا أجوع وأعطش، لكنني جعت وعطشت وظهر ذلك على هيئتي فأرغموني على أن أفطر عصرا، فاتني أن أراه للمرة الثانية، أثناء الإفطار انفجرت بالبكاء كمن لدغ فجأة، وفعلا قاموا وفتشوا المكان ظنا منهم أن عقربا لدغتني، سألوني عن سبب البكاء فقلت لهم: أنتم ترون سيدنا رمضان وأنا لا أراه لأنني لم أصم، كنت أظن أنهم يرونه لأنهم صاموه بينما حجب عليّ لفطري، شرحوا لي الأمر فلم أقتنع، كيف يقتنع طفل نشأ على سماع حكايات الغول والعفاريت كل ليلة والتعامل مع الأمر على أنه حقيقة إلى درجة أنه يصمت إذا خوّفوه بالغول والعفريت، كان يظن أنهم إنما أرادوا أن يحرموه من رؤية السيد رمضان حتى لا يدخل الجنة، لأنه سمعهم يقولون إن الصائم يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب، والجنة هذه -كما وصفوها له- بستان واسع فيه ماء وهواء وغلال لا يمنعه أحد منها عكس بساتين أولاد جحيش التي لا يدخلها إلا بوجود أهلها في موسم نضج الثمار، وإن حدث أن فعل فجزاؤه كلب يلاحقه أو رجل فظ غليظ القبضة يعصره ويسلمه لأبيه كي يتم المهمة، وطيور وحيوانات تحط على الرؤوس والأكتاف ولا تهرب منه عكس طيور وحيوانات الدنيا التي تهرب بمجرد أن يقترب منها، ووديان لا تجف أبدا عكس وادي بوزنزل أو وادي الحنية أو وداي السماير أو وادي التشيرة، الأكثر من هذا أنه سمع جده يقول له مرة وقد سمع الشيخ محمد كتو يقول ذلك في الراديو الذي كان النافذة الوحيدة على العالم: أنهار الجنة من لبن وعسل ··· ، لكنه تساءل بينه وبين نفسه وهو في فراش النوم الجماعي: لماذا يريدون حرمانه من دخول الجنة بعدم تركهم له يصوم؟ لو كانوا لا يحبونه لحرموه من أشياء كانوا يخصونه بها دون غيره من أبناء العائلة، إذن المسألة ليست مسألة حرمان بل إن في الأمر ”إن”، يومها لم يكن يعرف هذه العبارة، ولا يعرف أن ”أن” تنصب الأول وترفع الثاني، ما كان يعرفه أن الأمر يتطلب خطة لمعرفة سبب إصرار العائلة على ألا يصوم وبالتالي لا يرى السيد رمضان، فطلب من ابن عمه أن يلعب معه وراء الدار لعبة الدفن، حيث يقومان بحفر حفرة يدخل فيها أحدهم ليقوم الثاني بغمره بالأحجار ثم يمثل دور عزرائيل، في تلك المرة أصر على أن يكون بن العم هو الميت ويكون هو عزرائيل، فأكثر من الأحجار حتى أصبح ”الميت” لا يستطيع الحركة وأخذ في الصياح: أخرجني·· أنا أموت·· جدي·· جدي·· وصاحبنا يقول له: لن أنزع عنك الأحجار حتى تقول لي لماذا لا يسمحون لي برؤية سيدنا رمضان؟ وهل رأيته أنت حين صمته؟ وكيف هو ”عامل”؟ وهل يشبه أبي أم جدي أم سي الميلود إمام أولاد جحيش؟ والطفل المغمور بالحجارة لا يفهم من كلامه شيئا، فأصر على مواصلة الصراخ ليصر صاحبنا على زيادة الأحجار، فجأة توقف الصراخ·· توقف ”عزرائيل” عن إضافة الحجارة بل راح ينزع ما وضع منها، كاد قلبه أن يتوقف حين رأى أحمد قد ”مات”، فراح يركض إلى البيت ليطلب النجدة، فهل مات أحمد فعلا؟ طبعا، لم يمت وإنما فعل ذلك ليخلص نفسه من عزرائيل الدنيا، ولولا أن فعل ذلك لما توقفت الحجارة عن الانثيال فوقه، هنا لا بد أن تعلموا أن الضرب الذي تعرض له من طرف الجد في تلك العشية لم يذق مثله إلى غاية كتابة هذه الكلمات، لذلك فقد انتابته حمى شديدة في الليل جعلت خوف أمه عليه أرنبا ينط في غرفة النوم، نام محموما فرأى فيما يرى النائم شيخا يغمره النور والبياض يقترب منه وهو يربّت على رأسه قائلا له: أنا سيدك رمضان وأدخل إصبعه في فمه، ومن يومها وهو يصوم رمضان ولا يشعر بجوع أو عطش مهما كان اليوم طويلا وقائضا.

جميل حمادة ـ شاعر فلسطيني مقيم بليبيا من زمان بعيد ..صار أكثر من ليبي في كثير من الأمور ..وأحيانا يحنّ إلى فلسطينيته ..فلنستمع له في نادرة من نوادر الشهر الكريم ….

أتذكّر إحدى المرات، وقد حل علينا الشهر المبارك، حيث كان اليوم الثاني في شهر رمضان، إذ رأيت أحد الباعة المتجولين يبيع الفاكهة، وكان من بينها العنب، فقلت له بكم تبيع العنب، فقال، بدينارين ونصف، قلت له هل هو حلو، قال: نعم، قلت له هل تسمح لنا أن نذوقه، فقال، وهو يبتسم، والمشترين الآخرين حولنا ينظرون ويبتسمون، ولا يصدقون، أنني ساتذوقه، وأنا كنت قد نسيت تماما أننا في شهر رمضان، وبالفعل أخذت حبة كبيرة وشرعت في أكلها، والآخرون بمن فيهم البائع ينظرون مندهشين، وهم يبتسمون، بينما أنا اعتقد أنهم مندهشون لجرأتي، ولم يقل أحد شيئا، لدرجة أنني اعتقدت أن صمتهم كان بأنهم ظنوا بأني مسيحي، فسكتوا، ولم يعقب احد، واشتريت، ومضيت، وعندما ذهبت إلى البيت وأدركت أننا في شهر رمضان، غرقت في ضحك متواصل، فقالت لي زوجتي، ما حكايتك،!؟ حكيت لها الحكاية، فغرقت هي الأخرى في ضحك متواصل عميق، حتى استندنا على الجدار، كي لا يغمى علينا…

الصديق المثقف الباحث المصري : د.ثروت مرسي…ـ مصر
يحدثّنا عن بداياته مع شهر الصيام بعفويّة وتسامح لا يعرفهما إلا هو :


لنا عمّ اسمه أحمد. ارتبطت ذكرياتنا معه في أول يوم من رمضان بعصبيّة متوقعة في المدة بين العصر والمغرب بسبب الصوم وعدم التدخين؛ فكان عادة يفتعل مشكلة مع جدي أو غيره ويشتاط غضبا ثم يقول: “ضيعتم صيامي” ويشعل سيجارة. حين بدأت الصيام كنت في الصف الثالث الابتدائي، وأراد عمّي أحمد أن يخفف عليّ حدة الصوم؛ فقرر أن نذهب سويا لشراء بعض الخضراوات الطازجة من قرية مجاورة…
مشينا بين المروج الخضر ..حدثته عن أحلامي .. لم يكن يقول لي إلا: ” هذا ممكن..هذا بين يديك”. كان يفتح لي أبواب الحلم على مصراعيها. اشترينا الخضراوات وقفلنا راجعين..لما اقتربنا من المنزل أذن المغرب..كنت سعيدا جدا أنني أتممت يوم الصيام.. ابتسم عمي وقال: شفت..ضيّعت علينا الخناقة بتاعت أول يوم رمضان


أمّا الشاعر سعد الدين شاهين من الأردن ..فيحدّثنا عن طرفة حدثت له مع أحد الكرماء
دعاه لكنّه أخطأ في يوم الدعوة :
رمضان شهر الكرامات وتفقد الحرمات والعزائم للأهل والأقارب والأصدقاء وهو شهر البركة تأتيك من حيث لا تحتسب يؤلف الله سبحانه وتعالى قلوب العباد من جيران ومعارف وأبناء بلد فتختصر المعاصي وتنتشر الفضائل.. ترى الشباب يوزعون الماء والتمر في الطريق وعند إشارات المرور للمتأخرين عن بيوتهم بعد أن أدركهم موعد الإفطار وهم في الطريق… والفضيلة التي لن أنساها وأنا أشاهد أن بعض هؤلاء الشباب ممن يدينون بالديانة المسيحية تعاطفا مع إخوانهم المسلمين… ومن كرامات شهر رمضان اجتماع أصحاب الحي الواحد يلتقون في الشارع قبل الإفطار ويحضر كل واحد منهم مائدته لذلك اليوم وتصف الموائد ليلْتمّ حولها الجيران جميعا غنيهم وفقيرهم ومن أراد.. أو تصادف مروره من عابري السبيل والمارة أما من النوادر التي حصلت معي فقد دعيت وعائلتي في احد الأيام الرمضانية وكانت الدعوة يوم ثلاثاء ولكنني لسبب أو لأخر اعتقدت أن الدعوة يوم الاثنين وطبعا في هذا اليوم لم نحضر أي شيء في بيتنا وركبنا السيارة باتجاه بيت القريب الذي عزمنا وكان بعيدا عن بيتنا وصلنا قبل أذان المغرب وموعد الفطور بوقت قليل .. لنصطدم بما لم نتوقع أن بيت صديقي مغلق ولا احد يرد حتى خرج جاره واخبرنا أنهم معزومون عند أقاربهم .. وأصر جاره على أن يستقبلنا في بيته للفطور سويا بما قسم الله وبالطبع غضبت لهذا الموقف إلا أن عرفت فيما بعد أن العزومة يوم الثلاثاء وليس يوم الاثنين وفي اليوم التالي أصر مضيفنا أن نحضر وعنا جاره الذي ارمنا واستقبلنا في بيته هذا هو رمضان وهكذا يطبع الناس ويجود تعاملهم مع بعضهم


عبد الله بيلا ..يردنا إلى صوت ويد الأمّ ..يعود بنا إلى المرأة التي لا طعم لرمضان من دونها إنّها فاتحة كلّ شيء …ليغفر الله لأمّهاتنا جميعا ……

رمضان بحد ذاته يمثل ذاكرةً حيةً قادرةً على التشكل والتحول والانتقال من برجٍ زمنيٍ إلى آخر، تلك الذاكرة الحية المتحولة أظن أنني أصبحتُ أعيش فيها عوضاً أن تعيش في، تحملني عوضاً عن أحملها، ثمت ذكرياتٌ تشكل وجداني الروحي وتصبغ أيام العمر بألوانٍ مستعصيةٍ على الانمحاء، ولأنّها كذلك فهي تبدو وكأنها لوحة زيتية مترعة بالتفاصيل التي تظهر وتخفى كلما أمعنت تكرار النظر إليها

رمضان هو صوتُ طرقات يد أبي على الباب، في ظهيرةٍ لافحة، منتظراً يدا تمتد لتفتح الباب وتحمل عن يديه الأكياس المثقلة بالطعام، ولكن تلك اليد لم تعد تطرق الباب، والباب لم يعد يعد موجودا، وتلك الأم التي كانت أيقونة رمضان والتي كنت أظن أنّ هلال رمضان لا يمكن أن يهل على العالم دون أن يستأذنها، لم تعد قادرة على تحمل هذه العادة فغادرت هي أيضاً، ليصبح رمضان هو ذاكرتي الصلبة، حاملةً ومحمولة، إلى الأبد

الشاعرة فردوس مامي ـ تونسية مقيمة في باريس ـ تنقلنا إلى عالم الطفولة .. حيث البراءة والصفاء ..أيام رمضان يأتي في شهر آب ..شديد الحرارة ….

بعد محاضرة مطولة عن الصوم من أمي رحمها الله وأنا في الثالثة عشرة من عمري ، استحميت ونظفت أسناني ونويت الصيام راضية مرضية ثم نمت مطمئنة . وفي أول يوم من رمضان في مدينة قفصة كان شهر ٱب كعادته قد فتح باب جهنم على مصراعيه ، فكانت الحرارة تندلق دلقا على رؤوس الناس فتمكن بي العطش إلى أن لصق لساني بلهاتي ، قمت خلسة قائلة في نفسي : قطرة ماء تبل الريق ولا تفطر ولن يراني أحد ! ولكن برودة الماء وعذوبته أغرياني وكأن الٱنية قد تعلقت بشفتي وأبت ترك فمي قبل أن تتخلص من كل ما في جوفها في جوفي . ارتويت وتلفت يمنة ويسرة فوجدتني وحدي بلا رقيب ولا نذير فقلت لنفسي : ولما لا ٱكل وفي الثلاجة ما لذّ وطاب ؟ أكلت وتلذذت وشبعت فحمدت الله وغادرت المطبخ منتشية ولكنني لاحظت أن ألسنة من حولي بيضاء فخفت أن ينكشف أمري وفتشت عن وسيلة لإخفاء فعلتي فالتجأت إلى الحائط ألحس جيره إلى أن أبيض لساني وأصبحت صائمة مع الصائمين

من فلسطين المقاومة يصلنا صوت نمر السعدي ..طافحا بالحبّ وبالإنسانية ..هادرا بمفاهيم حسبناها أصبحت ذكرى …يقول:

وحدها ليالي رمضان هي التي تشعُّ من قاعِ الماضي كالنجومِ العصيَّةِ على الانطفاء.. كأنها يدٌّ تلوِّحُ لي من مجرَّةِ السنواتِ الماضية.. لا أعرفُ السبب.. لكنني تقريبا لا أتذكَّرُ من الماضي سوى التماعات هذا الشهر.. بكل ما فيها من شوق متغلغل في الشرايين.. ولأنَّ روحانياتِه متغلغلةٌ في أقاصي الروح فإن شغفي بالقراءةِ والتأمل يزداد نوعاً ما فيه مقارنةً بالشهورِ الأخرى……………
ليالي رمضان تتقاطع مع تجربتي الفيسبوكيَّة بشكل مذهل.. هذه التجربة التي كانت على المستوى الشخصي مميزَّة ومدهشة ومن أغنى تجاربي، لا لأنك تستطيع أن تتواصل وتتفاعل عبر هذهِ الفسحة الزرقاء مع الآلاف من الأصدقاء وتتأثر بهم وكأنك تجلسُ معهم في غرفةٍ واحدة.. بل لمحاولتك بناء شبكة صداقات حقيقية عميقة مع أفراد حقيقيين يبعدون عنك آلاف الكيلومترات.. أصدقاء يسألون عنكَ إذا ما غبتَ لأيام قليلة أكثر ربما ممَّا يسأل أصدقاؤك الواقعيون… ، كأنَّ هذا الشهر هو نسيمُ الحب الإلهي الذي يهبُّ على الوجودِ بأسره ….ِ


عن ” حشّاشين ” كثر أضرّ بهم رمضان الذي لا يزعج أحدا… يحدثّنا الصديق الكاتب أحمد الفيتوري ..فيفتح لنا نافذة على ليبيا التي نطلب من الله أن ينجّيها ممّا تردّت فيه :

رمضان في ليبيا له عجائب، طبعا إضافة إلى التقاليد الاعتيادية في كل الدول الإسلامية، منها أن الصائم الذي يصعب عليه الصيام يدعى (محشش) ويطارده الأطفال أحيانا صارخين يا حشاش في رمضان، ولا أعرف من أين أتي هذا الاصطلاح، وهذا الحشاش عادة ما يرتكب حماقات لا حصر لها. أحدهم وهو فنان كوميدي شهير، اشترى مرة على فترات النهار ما قارب القنطار من الخبز، فكل ما مر على مخبز أو دكان وأعجبه الخبز اشترى، قبيل المغرب عند عودته إلى البيت وجد سيارته مليئة بالخبز. على هذا كان الحشاش الأكبر في البلاد العقيد معمر القذافي!، ففي سنة أواخر السبعينيات كنت ساهرا بالجريدة الليلة ما قبل الأخيرة من شهر شعبان، حيث من المتوقع أن يعلن الصيام أو يكون اليوم التالي المتمم لشعبان. بقيت في الجريدة حتى قبيل الفجر، وعدت إلى البيت بعد التوكد أنه اليوم الأخير من شعبان، نمت وبعد الظهر أفقت وخرجت وفي الشارع أشعلت سيجارة فصرخ في وجهي أحدهم: اطفي سيجارتك، ولما لم أفهم أخذ السيجارة من فمي ورمى بها بعيدا. ثم وضح لي أنه في الإذاعة الليبية عند الثامنة صباحا أعلن أن اليوم أول رمضان، وأن الكثير مثلي من خرج إلى الشارع مدخنا. الحشاش المشتهي يكون عادة في رمضان، لكن الليبيين أخذوا يعلقون أن الحشاش الأكبر من اشتهي رمضان ذاته، فأصدر أوامره بالصيام ساعة شاء. ولله في خلقه شئون…!

وختاما بعفوية وصدق كبيرين تبوح لنا مديرة النشر ورئيسة تحرير لميديا حجيبة ماء العينين ..من المغرب الشقيق ..ببعض أفعالها في رمضان أيام زمان …

عندما يقترب شهر رمضان المبارك أجدني أعود بذاكرتي لسنين خلت عندما صمت لأول مرة وكنت فرحة جدا لإحساسي بأنني كبرت وأصبحت ممن سيجلسون على المائدة مكرمين معززين..أتذكر أكثر ما كنت أقوم به في الأيام الأولى لهذا الشهر الفضيل حيث كنت أتعب من الصوم اذهب خلسة وأشرب كوبا من الماء في الحمام وأقول في نفسي سيعرف الله أنني سأموت من العطش وان هذا الماء سينقذني إذن هو ضرورة لامناص منها, وأقنع نفسي أنني أقنعت الله بأن هذا حق ولا تثريب علي فيه, وأذكر مرة أنني تعمدت شرب القليل من الماء وأنا أتوضأ وأحسست بفرح شديد وكأنني قمت بعمل عظيم وصدقت نفسي أنني شربت بالغلط فقط. هناك أيضا أمر غريب يلازمني إلي الآن كلما جاء الشهر الفضيل ينتابني الفرح وكأنني أصوم لأول مرة

Your Page Title