زاوية تربوية

د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية

د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية
د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية

د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية في مجلس الدولة

انطلاقا من معطيات المرحلة الانتقالية التي تعيشها عمان، وتحقيق رؤيتها الطموحة 2040 ، وجملة الأطر والموجهات والمبادئ والاستراتيجيات التي شكلت عنوان المرحلة المقبلة في العهد السعيد واستهدفت الانتقال بعمان إلى مستوى طموحات أبنائها وبناتها وآمالهم في شتى المجالات، ومن منطلق دور التعليم ومسؤوليته الوطنية والأخلاقية والمهنية في إنتاج الوعي الحضاري للشعوب والمجتمعات، وترسيخ الأبعاد الاستراتيجية الضامنة لتحقيق التحول، وصناعة النجاح، وإنتاج القوة، وبناء الثقافة الداعمة لخطط الإصلاح الاقتصادي والتطوير الإداري التي تتجه إليها في قراءة مراحلها الانتقالية المتجددة، ومع الاستعداد لانطلاقة آمنة بإذن الله تعالى للعام الدراسي الجديد بعد تعليق الدراسة بسبب جائحة كورونا ( كوفيد19) ؛ تأتي أهمية أن يضع التعليم في أجندة الخطة الدراسية لهذا العام التعريف بمعطيات المرحلة الانتقالية ومرتكزاتها وأجندتها وأدواتها ودلالات إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتضمين المفاهيم والمبادئ والمفردات والتفاصيل الإصلاحية للمرحلة وملامحها التنموية وتوجهاتها المستقبلية عبر المناهج وفلسفة التدريس وطرائق التعلم ودور الممارسين التعليمين.

د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية
د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية

وبالتالي جملة الاستراتيجيات التعليمية التي تقرأ في أبجديات الخطاب السامي مساحة أمان لصناعة التغيير، ورسم خريطة انجاز قادمة تصنع لعمان القوة ولإنسانها العيش الكريم ، بما يضع أبناء الوطن: أجيال اليوم وشباب الغد أمام قراءة معمقة بما تحمله بنية الخطاب من دلالات وأطر من أجل حاضرهم ومستقبلهم ، مدد يستلهمون منه الإخلاص والتفاني في خدمة الوطن، والحفاظ على قيمه ومكتسباته، وصون أمنه واستقراره والإسهام في نمائه وازدهاره، حيث يقرأ التعليم للأجيال هذه المرحلة في أسلوب رصين وقصص واقعية وأنماط تعليمية متنوعة مبحرة في رصد هذا التحول والمفاهيم التي يحملها والفرص التي يؤسسها، والمدخلات التي يصنعها، والممارسات التي يؤكد عليها ، والمخرجات التي يتوقع أن تكون نتاجا ينسجم مع رؤية عمان 2040، مستفيدا من خطوط التأثير الوطنية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والفكرية والإعلامية، وخيوط التكامل والتناغم بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لبناء مسيرة نجاح قادمة.

د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية
د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية د.رجب العويسي يكتب: التعليم وتجسيد أولويات المرحلة الانتقالية في الخطة الدراسية

لقد جاءت رؤية المرحلة الانتقالية لعمان تجسيد لاستمرارية نهضة الثالث والعشرين من يوليو وتجددها وأصالتها، في مبادئها وقيمها وأخلاقياتها، قوامها العدل والمساواة ، وأساسها التشريع والقانون ودولة المؤسسات، وغايتها بناء مجتمع القوة والوعي، وهي في كل مراحل تطورها تؤسس لبناء مدخلات جديدة في منظومة الإصلاح الوطني التي تتجسد ملامحها في تجديد خطاب المرحلة بما يحمله لمستقبل الأجيال وطموحاتهم من تغيرات وتحولات في كفاءة الأداء الوطني، وهي مرحلة تمتزج فيها أصالة الماضي واشراقة الحاضر وحدس المستقبل، مستفيدة من الذاكرة الحضارية العمانية بما طبقته من نماذج حضارية مشهودة، وحلولا استراتيجية مجربة، وعايشته من تحولات وضعت الانسان العماني في قائمة الاهتمام ومصدر الالهام، لذلك كان حاضرها امتدادا لماضيها العريق ومستقبلها الزاهر، حكاية انجاز صنعت افاق المجد، وأعادت انتاج خصوصية وتفرد الحالة العمانية وتميزها المشهود به في عالم مضطرب لتضيف إلى هذه الإنجازات الحضارية الإنسانية لعمان استحقاقات التميز ونماذج التفرد، منطلقة من الممكنات الداخلية في وحدة البيت العماني وتسامحه وسلامه الداخلي والتفاف الشعب مع قيادته الحكيمة وولائه المتفرد لها، جعلت من عمان کیانا حضاريا فاعلا ، ومؤثرا في نماء المنطقة وازدهارها ، واستتباب الأمن والسلام فيها ، تتناوب الأجيال ، على إعلاء رايتها ، وتحرص على أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم، في ظل بيئة دولية تعيش الكثير من الاضطرابات والتنازع على المصالح والتنافس في القوة الاقتصادية، لذلك ارتبطت هذه المرحلة بقراءة معمقة لمنظومة الجهاز الإداري للدولة وحاجته إلى المزيد من الإصلاح ليتكيف مع رؤية عمان 2040 ويتفاعل مع المستجدات العالمية والإقليمية، ويتواكب مع التطوير الحاصل في الإدارة والقيادة والبناء المؤسسي والهياكل التنظيمية والاستثمار فيها ، وصناعة نماذج عمليه في الاداء الوطني المسؤول الذي يتجاوز أنانيات النفس وشخصنة الذات وسيطرة الأنا وفوقية التصرف، وليتناغم مع مؤشرات التقييم الدولية ويضع الجميع أمام كفاءة المسؤولية وعدالة المساءلة وترسيخ منظومة المحاسبية لتحقيق النزاهة التي لا بدّ أن تسود كافة قطاعات العمل وأن تكون أساساً ثابتاً راسخاً لكل عمل وطني قادم.

ولما كانت الثقة في المواطن العماني وترسيخ منظومة الكفاءة والجودة في الأداء الحكومي بحاجة إلى نماذج تطبيقية عمليه لها، لذلك جاءت رؤية الإصلاح والتجديد حاملة معها منهج التمكين وبناء القدرات والاستثمار في الفرص وعبر تمكين المحافظات من ادارة مواردها والتثمير فيها لضمان مشاركة واعدة تسهم في تنمية واستثمار موارد المحافظة والترويج لها، وخلق فرص عمل للمواطنين والعمل على الاستفادة من المقومات السياحية والتراثية المتاحة في هذا الشأن من أجل تحقيق التنمية المستدامة، لذلك أدركت حاجة البنية المؤسسية إلى التحول في أدوات العمل ومعايير الأداء وتحقيق الإنتاجية وبناء القوة الوطنية، فالوظيفة تكليف ومسؤولية واثبات الذات لتتغلب على أنانية النفس وشخصنة الوظائف والتفكير في مصالحها الشخصية لتتجه نحو حب الوطن والإخلاص له والشعور الجمعي بقيمة الاخر وخدمته، والاعلاء من قيم العمل وأخلاقياته وضمان انصهار الجميع ضمن مبادئ وأسس واضحة تكافئ المجتهد وترقى به وتحفظ له حقوقه، وتعاقب المقصر وتصنع منه محطة انطلاقة جديدة نحو تصحيح الذات ومعالجة جوانب التقصير وسوء التصرف الناتج عنها، وجاء الخطاب حاملا معه رسالة التغيير الكبرى والمراجعة الشاملة وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، الذي أن تحسنت أوضاعه ونمت ثماره وقويت نتائجه وضمن قدرته على التكيف مع متطلبات بناء الدولة، توفرت الأسباب الداعمة لتحقيق الأهداف المستقبلية لرؤية عمان 2040 ، وهي في الوقت نفسه مرحلة لبناء قوة اقتصادية تعيد التوازن المالي وتقف على أوجه الاستثمار المبتكر في الموارد الوطنية والثروات الطبيعية والاقتصادات التقليدية والواعدة، وتعاطيها مع اقتصاد الازمات في مواجهة كورونا وانخفاض أسعار النفط والحزم الإصلاحية المالية التي اتجهت لها الحكومة مع بداية 2020، كل ذلك أعطى الثقة في قدرة الاقتصاد الوطني على مواكبة التحولات الحاصلة في السوق العالمية ، بما يؤكد حاجة الأجيال لمعرفة هذه الحقائق وإدراك ما تعنيه لهم في مسيرة البناء القادمة، وتعكس الغايات الكبرى التي جاءت بها رؤية عمان المستقبل.

أخيرا يبقى تعريض مجتمع الطلبة لتفاصيل هذه المرحلة الانتقالية ومحاورها وأجندتها ومسؤولية كل مواطن فيها وتجسيدها في حياة المتعلمين من خلال تضمين الخطة الدراسية لمفرداتها ومفاهيمها واستراتيجيات عملها وأنشطتها وتبرزها في مواقف محاكاة للواقع؛ مدخل يفتح الآفاق لرسم صورة ذهنية مشرقة لعمان وقائد نهضتها المتجددة حفظه الله ورعاه بما تتطلبه المرحلة من جد واجتهاد، وتفان وإخلاص، وما تقتضيه من بصيرة نافذةٍ وحكمةٍ بالغة وإصرار راسخ وتضحيات جليلة.

Your Page Title