العمانية-أثير
تم اليوم بالمتحف الوطني تدشين الموسوعة التاريخية العُمانية المصورة “عُمان منذ الأزل.. سجل تاريخي مصور” التي تضم أربعة أجزاء من القطع الكبير وتُعيد توثيق التاريخ العُماني منذ أكثر من 7 آلاف عام.
وجاء إعداد الموسوعة بتوجيهات سامية من المغفور له بإذن الله تعالى، السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- وأشرف عليها محمد بن الزبير بن علي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي المتقاعد، ويُعد المتحف الوطني أحد الداعمين والمساهمين الرئيسيين في تنفيذ المشروع بالإضافة إلى جهات أخرى.
وجرى حفل التدشين تحت رعاية معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة، ورئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمهتمين.
ويقول محمد بن الزبير في مقدمة موسوعة “عُمان منذ الأزل.. سجل تاريخي مصور”، عن رحلة تأليفها: “في أكثر من لقاء جمعني بالمغفور له بإذن الله، كان جلالته يتحدث عن موضوع التاريخ العُماني وضرورة تنقيته من الشوائب، كان يحثنا دائما على أن نبدأ في هذا المسار، حينها بدأت هذه الرحلة عبر وضع دراسة شاملة لإمكانية تأليف هذه الموسوعة، حيث جاءت نتائج الدراسة التي قمنا بها، لتشير إلى ضرورة وضع سجل مصور لهذا التاريخ بحيث تقطع الشك باليقين وتنقل الحقيقة بواقعية وصدق، وكان
التحدي الأول الحصول على الصور المناسبة التي تغطي تلك المرحلة الزمنية الهائلة، ولذلك اعتمدنا على الآثار واللقى والنقوش القديمة التي تم العثور عليها في مختلف أرجاء السلطنة، إلى جانب المعالم التاريخية التي عملنا على دراستها وتوثيقها بالصورة، كما قامت اللجنة العلمية المساعدة بوضع قائمة دقيقة بكتابات المؤرخين الثقات وزوار عُمان الذين تركوا رواياتهم عن تاريخ هذه المنطقة، حيث تم جمع هذه الكتابات وتدقيقها
وتوثيقها والأخذ منها ما يمكن اعتباره واقعا بعيدا عن الخيال أو التهويل، ليتم وضع تلك المعلومات في صيغة رسوم بيانية بتقنية “الإنفوجرافك” بحيث يسهل على القارئ الوصول إلى المعلومة بأقل عدد من الكلمات”.
وأضاف إن “الشكل الذي أتت عليه الموسوعة في النهاية، يمكن اعتباره أسلوبا محدثا في عرض المحتوى، يمزج ما بين السردية القصصية والتسلسل الزمني، وما بين الصورة والشعر والألوان، معتمدا على الصور الضوئية والأشكال الفنية التوضيحية المستندة إلى الأدلة العلمية واللُقى الأثرية، مع أقل قدر ممكن من النصوص أو التعليقات، لتفادي أية أحكام مسبقة أو جمل إيحائية، وبما يتيح المجال لخيال القارئ أن يحلّق في فضاءات لربما لم يعرفها أو يدركها من قبل عن الإنسان في عُمان، وليستطيع من خلالها أن يتصور عظمة التاريخ العُماني وتفرد التجربة العُمانية، وأن يسبر أغوار الممكن والمستحيل ليحافظ على هذه العظمة وهذا التفرد، بأشكال وأنماط من التفاعل والوجدان التي تتناسب مع المستقبل”.
وتأتي أجزاء الموسوعة الأربعة لتسرد الحكاية العُمانية وفق تسلسل زمني دقيق، حيث يتضمن الجزء الأول صورا تحكي قصة عُمان منذ الزمن السحيق إلى ما قبل دخول أهل عُمان في الإسلام. فمنذ أكثر من ٧٠٠ مليون عام تشكلت أرض عُمان، مكونة تركيبة جيولوجية فريدة، وفي الوقت ذاته عملت عوامل التعرية المختلفة على تشكيل هذا السطح مكونة ظواهر طبيعية متنوعة أثْرت في تنوع المناخ والثروات الطبيعية والأنشطة الإنسانية البدائية، لِتَتْبعها الأنشطة الصناعية والتجارية والملاحية، التي تطورت عبر الحقب التاريخية، بما صاحبها من تطور فكري وثقافي وعمراني، تولد من المكان والعلاقات المتبادلة السلمية والحربية.
أما الجزء الثاني من الموسوعة فيغطي الفترة الزمنية الممتدة من دخول أهل عُمان في الإسلام حوالي ٦٢٩–٦٣٠م إلى ما قبل تولي السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في العام ١٩٧٠م، حيث تحكي المخطوطات والصور إسهامات الإنسان العُماني الحضارية والتاريخية في مجالات شتى، كالأدب واللغة والفقه، والطب، والمعمار، والعلوم، والفنون، والملاحة، والتجارة وغيرها، لتنتهي بمجال الحكم والسياسة، حيث تظهر الأُسر التي حكمت عُمان عبر العصور الإسلامية والحديثة، وصولاً إلى سلاطين دولة البوسعيد وما تركوه من بصمات واضحة في التاريخ العُماني الحديث.
أما الجزآن الثالث والرابع فيتناولان عصر النهضة الحديثة إلى حيـن انتقال السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- إلى الرفيق الأعلى وتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – مقاليد الحكم في 11 يناير2020م ؛ حيث ينـطلق الجزآن من ٢٣ يوليو ١٩٧٠م لحظة بزوغ فجر النهضة الحديثة، في تسلسل موضوعي يتناول التنمية الإنسانية كامتداد للتطور الإنساني والحضاري على هذه الأرض، فتحكي قصص الإنجازات العُمانية على جميع المستويات التنموية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والعلاقات الدولية المتميزة، كما تعكس النقلة النوعية التي تحققت لعُمان خلال العقود الخمسة الماضية.
ويختتم محمد بن الزبير المقدمة التي وضعها لهذه الموسوعة بالقول : إنه لشرف كبير أن يترجم هذا العمل ما عبر عنه المغفور له بإذن الله السلطان ةقابوس في كلمته السامية في جامعة السلطان قابوس عام ٢٠٠٠م بالدعوة إلى البحث والتدقيق لكتابة تاريخ عُمان ، ولعل هذا العمل يكون بداية لأعمال أخرى مماثلة لكتابة التاريخ العُماني بشيء من الواقعية والابتعاد عن التهويل والتحريف، أرجو أن يتاح للشباب العُماني من خلال هذه الموسوعة الاطلاع على لمحات من تاريخهم التليد، والكثير من تاريخهم المعاصر برصد خالٍ من الشوائب، وفي قالب عصري مشوق.