د. راشد بن حمود بن أحمد النظيري، كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس
الوصية من التصرفات التي ينشئها المرء في حياته، ولا تنفذ إلا بعد مماته، يهدف الموصي منها إلى الإحسان على الموصى لهم، ولتكون عملا يكسب ثوابه، ويجري خيره بعد مماته، وفي الحديث الصحيح قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له))، رواه الإمام مسلم.
وتتعدد وسائل الناس، ومقاصدهم في الوصية، فقد يكون المقدار الموصى به منسوبا إلى التركة كلها كخمس التركة أو ثلثها أو نحو ذلك، وقد يكون مربوطا بنصيب وارث من ورثة الموصي، كأن يقول: أوصيت لزيد بمثل نصيب ابني فلان أو أبي أو أخي… فالموصي ينزل غير الوارث منزلة الوارث في مقدار الاستحقاق، ولا يمكن حصر هدف الموصين من ذلك، فقد يكون المقصد بيان مكانة الموصى له عند الموصي، وأنه بمنزلة ولده أو والده أو أخيه في الاحترام والإجلال والتقدير، وقد تكون له أهداف أخرى.
وبيَّن قانون الأحوال الشخصية العُماني مفهوم الوصية بالتنزيل وأحكامها في المادتين 226 والمادة 227.
جاء في المادة 226: ((التنزيل: وصية بإلحاق شخص غير وارث بميراث الموصي وبنصيب معين من الميراث)).
ويلحظ أن المادة قيدت الشخص المنزل بأنه غير وارث؛ وذلك لأن الوصية لا تكون لوارث؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا وصية لوارث))، كما قيدت المادة الوصية بالتنزيل بأنها من نصيب معين من الميراث، ولا أجد مانعا يمنع من كون النصيب غير معين وقت إنشاء الوصية، كأن يوصي لزيد بمثل نصيب أحد ورثته، وقد خلف ورثة متفاوتين في الأنصبة، أو قال: بمثل نصيب أحد أولادي، ولديه أولاد ذكور وإناث، وهنا يلحظ أن النصيب غير معين وقت الوصية؛ إذ الأنصبة تختلف وتتفاوت، فنصيب الابن غير نصيب البنت، ونصيب الأب قد لا يساوي نصيب الأم في المقدار، وهكذا، فالنصيب غير معين وقت إنشاء الوصية، وإن آل إلى معين وقت التنفيذ؛ لأنه يعطى أقل الأنصبة؛ إذ هو اليقين، ومن المتقرر أن الوصية لا تثبت بالشكوك؛ إذ ورثة الموصي يستحقونها يقينا بنص الشرع الحنيف.
وذكر القانون في المادة 227 الأحكام المترتبة على الوصية بعد وفاة الموصي، فقال: ((يستحق المنزل مثل نصيب المنزل منزلته ذكرا كان أو أنثى وفي حدود الثلث إلا إذا أجازها الباقون من الورثة الراشدين، فتنفذ في حصة من أجازها)).
ومفاد ذلك، أن الموصى له وصية تنزيل يُعطى مثل نصيب المنزل منزلته(الابن، الأب، الأخ، الأم،…))، فلو استحق المنزل منزلته سهمين كان نصيب الموصى له سهمين، ولو استحق خمسة أسهم كان نصيب الموصى له خمسة أسهم، وتضاف إلى أصل المسألة.
ونظرا لأن الوصية مقيدة بالثلث؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: الثلث والثلث كثير)) نص القانون على وجوب مراعاة ذلك في التنفيذ، فقال: ((في حدود الثلث إلا إذا أجازها الباقون من الورثة الراشدين، فتنفذ في حصة من أجازها)).
وعليه، إذا كان نصيب المنزل منزلته أكثر من الثلث فإن الوصية نافذة في الثلث، وتكون الزيادة موقوفة على إجازة الورثة الراشدين، وهم البالغون العاقلون الذين لم يحجر عليهم لسفه أو نحوه(أهلا للتبرع)، فإن أجازوها نفذت بمقدار حصصهم، وإن ردوها بطلت الزيادة، وإن أجازها بعضهم نفذت في حصة من أجازها.
ويمكن تلخيص شروط الوصية بالتنزيل فيما يأتي:
1. أن يكون الموصى له غير وارث، سواء أكان موجودا أم غير موجود على الصحيح، كأن يوصي بمثل ميراث ابنه، ولا ابن له.
2. أن تكون الوصية بنصيب (أو بمثل نصيب) وارث معين أو غير معين، وقد أبطل بعض الفقهاء الوصية بنصيب الوارث، معللين ذلك بأن نصيب الوارث لا يستحقه غيره، أو أنها وصية بملك الغير.
3. أن تكون في حدود الثلث، فإن زادت وُقفت الزيادة على إجازة الورثة الراشدين.
مثال على وصية بالتنزيل:
ترك: زوجة، وبنتا، وأخا شقيقا، وأوصى لزيد بمثل نصيب أخيه الشقيق، وكان مجموع تركته 22000ريال.

مجموع الأسهم: 11 سهما.
قيمة السهم: 22000÷11 = 2000 ريال.
نصيب الزوجة: 2000 ريال.
نصيب البنت: 8000 ريال.
نصيب الأخ الشقيق: 6000 ريال.
ويُعطى الموصى له (زيد): 6000 ريال، وهو أقل من ثلث التركة.