ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟

ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟
ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟ ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟

د. رجب بن علي العويسي – خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية في مجلس الدولة

مع بدء دوام الطلبة  للعام الدراسي 2021- 2022، تتجه الآمال إلى أن يكون هذا العام استثنائيا في مضمونه ومنظوره، وفلسفته وآلياته، وبرامجه وخططه، ومناهجه وأنشطته،  وكفاءة معلميه وإدارته، في البرنامج اليومي وزمن التعلم، في ظل مرحلة جديدة يلتقط فيها التعليم أنفاسه لانطلاقة أفصل ومسار تعليمي أجود، وأليات واستراتيجيات تعليم وتعلم أكثر واقعية وتعبيرا عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي،  إذ هي نتاج أزمة، وتجربة ظروف ومعايشة أحداث جديدة، وهي قياس لمستوى الاستفادة من جائحة كورونا ( كوفيد19) وتوظيف معطياتها في الواقع التعليمي، لتبدأ مرحلة جديدة  تضع في قاموسها حجم الاستفادة من أحداث جائحة كورونا ( كوفيد 19)  وما خلفته من آلام وأحزان وأوجاع، وما أوجدته في المقابل من فرص وآمال وطموحات، وأعادت تصحيحه من وقائع وأحداث ومواقف ومسلمات.

ومع ما أفصحت عنه من الحاجة إلى إعادة هيكلة التعليم وتصحيح مساراته وهندسة عملياته وإعادة  تشكيل برامجه وخططه، وإشراك الطالب والمجتمع والشركاء  في رسم معالم نجاحه ، ومع كل التحديات  المرتبطة بالتعليم عن بعد،  إلا أنه شكل إضافة جديدة في مسار التعليم وأدواته  للخروج به من الرتابة والتقليدية، وأعاد هندسة المسار التعليمي بشكل يتناسب مع التوجهات العالمية ويوطن التقنية محليا بما يكيف  أبناءنا الطلبة مع الواقع الجديد، فإن الاتجاه نحو نمط التعليم عن بعد محطة جديدة وتجربة تستحق الاهتمام والدراسة والتشخيص والتحليل. في ظل ما واجهته الممارسة التعليمية  من خروج عن المسار وابتعادها عن الهدف ولم تكم بذات التقنين والتقييم والمراجعة التي تكسبها مزيد من التأمل والتأطير والمقارنة، في عمق ارتباطها بفلسفة التعليم،  وخطة تطوير التعليم 2040 ، أو ما كانت تدعوا إليه الدراسات التقييمية والتشخيصية والاستشرافية التي نفذتها وزارة التربية والتعليم مع بيوت الخبرة التعليمية العالمية والبنك الدولي، والتي أظهرت حقيقة مفادها رغبة الطلبة العمانيون وشغفهم في التعلم ، وفي المقابل حاجتهم إلى نمط تعليمي  أكثر ابتكارية ومهنية وتنظيما وواقعية ينقلهم إلى  أفاق أوسع، ويغرد بهم في فضاءات الحياة، حاملين القيم والأخلاق والمهارة، والثقافة والموهبة ليضاف الى فكرهم الاجتماعي القائم على التسامح وروح الانسان النابض بالوعي والامل والانتاجية والقوة ، محطة أخرى تصنع من الفرص والأزمات والاحداث فرصة للتقييم والمراجعة .

وبالتالي فإن اسقاط هذا التحول على المسار التعليمي، سوف يدفع التعليم نحو إعادة ترتيب أولوياته وضبط موارده وتقنين مساراته وإيجاد مخارج لمشكلاته، وتبنّي أليات أكثر مهنيه في مواجهة حالة الهدر والفاقد التعليمي الذي يعيشه الطالب في بيئة المدرسة والصف الدراسي،  وهو الأمر الذي يجب أن يتجه إليه العام الدراسي الحالي 2021/ 2022، ويؤصله  من أول يوم تطأ فيه أقدام الطلبة  ساحة المدرسة، إذ أن  التوقعات والآمال، وحالة الترقب التي كان يعيشها الطالب بشأن  العودة إلى مقاعد الدراسة،  بحاجة إلى  أن تجد في التعليم مساحة احتوائها، بما يرفع من سقف توقعات الطلبة ، ويكسبهم ثقته، واهتمامه بأولوياتهم، وتقديره لاحتياجاتهم، وبما يرسخه في العمليات الداخلية للتعليم من فرص الإيجابية والتفاؤل والحس المسؤول واستشعار دور التعليم في بناء الانسان، وتكييفه مع الازمات والأحداث والمتغيرات، وإخراجه من سلبية الواقع وتراكماته .

 

ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟
ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟ ما عنوان العام الدراسي الجديد؛ الابتكار أم التكرار؟

من هنا تصبح توقعات الطلبة حول هذا العام الدراسي بما يحمله من  رسالة التغيير، واحتواء  شغف الحضور، ورغبة  العودة التي ملأت كيان الطلبة النفسي والروحي والفكري، ليمارس التعليم دوره  الاحترافي في تقريب الصورة  للواقع، واستنطاق الاحلام والآمال، فيسبر أعماقهم، ويكتشف مهاراتهم، ويختبر ذاكرتهم، ويصقل خبراتهم، ويعلي من سقف توقعاتهم، ويقدم لهم مائدة تعليمية  من نوع آخر، تفوق  في جودة محتواها، وكفاءة أدواتها وتعدد خياراتها، واتساع مهاراتها، ما اعتاد عليه الطالب  قبل جائحة كورونا، وحالة التكرارية والسطحية التي كان يعيشها في ظل ممارسة تعليمية تقليدية ابتعدت إلا قليلا عن الواقع، واضاعت جهد الطالب هدرا في مخرجات لم يكن لها أي حضور في سوق العمل، بل أغلقت أمامها كل نوافذ الأمل وأبوابه لبناء مشروعها الحضاري وإعادة انتاج ذاتها من جديد،  وكانت الثغرة في فجوة المهارة والتجربة والاحترافية  التي لم تستطع الممارسة التعليمية أن تصنع لها حضورها في المنتج التعليمي ، ولم يكن حظه التعليمي سوى تراكم معلوماتي غير ذي أثر لم ينل فرصته من البقاء في الذاكرة  بعد انتهاء الاختبار النهائي، وتسليم الكتب المدرسية، ليعيش الطالب حياته في ملل وهدر للوقت والجهد،  وليجد في منصات التواصل الاجتماعي بُغيته الذي يبحث عنها فتملأ له وقته ومساحة  الاهتمام  لديه، وتبني علاقاته ومجتمعه الخاص به، بل قد يتأثر بمروجي المعرفة ومشاهير الغفلة في هذا المنصات ، أو يتجه ليمارس دورا انتقاديا  واسلوبا تنمريا حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه.

أخيرا  يبقى نجاح العام الدراسي وقدرته على اشباع  الحس التعليمي لدى الطالب ، مرهون بقدرته على الإجابة عن ما يطرحه الطلبة من تساؤلات، منها: الى أي مدى سيؤدي العام الدراسي المهمة الصعبة بكفاءة واقتدار، فيتعامل مع  الطموح بوعي واستشعار وحدس للتوقعات، ويتدارك رغبة الأجيال في تعليم نشط وتعلم منتج، وهل ستتجه الممارسة التعليمية بالمدارس إلى نقل المتعلم من حالة التكرارية  التي يعيشها والجمود الذي يطال تعلمه، الى الابتكارية في قراءة  فقه الطالب وتجسيد قناعاته وأولوياته واستشعار التحولات في واقعه التعليمي؟ فإن تحقق ذلك مرهون  بتحولات قادمة تشهدها الممارسة  التعليمية  على مستوى بيئة المدرسة وثقافة الصف الدراسي، وأساليب التدريس، وطرائق التعلم، وجودة الحياة المدرسية، وأنظمة العمل والحوافز، والصلاحيات والممكنات، والثوابت والمتغيرات، وأدوات التقييم والتقويم ، بحيث  يؤسس  لمساحة من الابتكارية والتجديد والتنويع والتنوع والحيوية والحركة، تتكيف مع طبيعة الظروف، وتستجيب لمستجدات الواقع ، وتفتح المجال للطالب للمزيد من الإثارة التعليمية.

Your Page Title