أخبار

مغسّلة موتى كورونا تروي لـ “أثير” مشاهد مؤلمة

أثير-جميلة العبرية

أصدرت وزارة الصحة مؤخرًا تعميمًا بإلزام الطواقم الطبية والمراجعين في المؤسسات الصحية بارتداء الكمامة، الأمر الذي يشير إلى وجود ارتفاع في الإصابات بفيروس كورونا كوفيد 19، وهو ما لا يتمناه أحد؛ فما شكلته الجائحة في الفترة الماضية من تحديات وأزمة حقيقية أدّى إلى خسائر في الأرواح البشرية وفي الاقتصاد وتأثيرات اجتماعية أخرى كثيرة.

“أثير” التقت بمنى الخروصية (مغسلة موتى كوفيد 19) التي سردت لنا تجربتها الماضية التي تتمنى بألا تتكرر، وأن يبعد الله البلاء ويجليه عن الجميع.

تخبرنا منى عن بدايتها في تغسيل موتى كورونا كوفيد 19 وتكفينهم فتقول: كانت البداية حين حضرت حلقة عمل نظمتها وزارة الصحة ممثله فى مستشفى الرستاق المرجعي، وهي عبارة عن (كيفية التعامل مع وفيات كورونا)، فكانت مشاركتي في الحلقة من باب الاستفادة والاستماع عن هذا المرض القادم من الصين ليس إلا.

وتكمل: لم أكن أعلم أو أتخيل بأن المرض مميت إلى هذا الحد، إلا بعد أن تلقيت اتصالًا في شهر رمضان من عام 2020م من مستشفى الرستاق ليتم إبلاغي عن وجود حالة وفاة بكوفيد19 ويجب التعامل معها وفق ما جاء في حلقة العمل، فخرجت من منزلي وأنا صائمة، وعندما وصلت إلى المستشفى تبين لي بأنني وحيدة هناك وبمفردي، فلا متطوعات ولا تجهيزات.

وتضيف: لتبدأ المعاناة في البحث عن فتاة متطوعة من أجل مساعدتي في تغسيل المرأة المتوفاة وتكفينها، وللأسف باءت محاولات البحث بالفشل فالجميع رفض حتى أهل المتوفاة؛ بسبب الخوف من المرض أولًا، ونحن في حالة صيام ثانيًا، بعدها قررت إدارة المستشفى خروج ممرضة من قسم كوفيد من أجل مساعدتي في عمل اللازم، فخرجنا أنا والممرضة من بوابة المستشفى إلى مغسلة الأموات بخطى متثاقلة لكنها ثابتة من أجل الخروج من مأزق عدم وجود متطوعات.

وتسرد الخروصية بقية الموقف: لبسنا أنا والممرضة ملابس تشبه ملابس رجل الفضاء وهي عبارة عن أقنعة وقفازات وأحذية وخوذة، وباشرنا العمل والحمد لله سلمنا الجثة وخرجنا من المغسلة. وبأمانة هو مشهد مهيب ومرعب فسيارات الشرطة والبلديات تطوق المكان وكنت أظن في البداية بأن كورونا كذبة ولن يتم الاتصال بي، لكن ذلك المشهد لم يكن الأخير بل بدأت الوفيات تتزايد فكنت المرأة الوحيدة في محافظة جنوب الباطنة مما استدعى الأمر إلى تكثيف الجهود للبحث عن متطوعات وتشكيل فرق تطوعية في كل ولاية.

وتكمل: بفضل من لله وجدت متطوعة تعمل في المستشفى لتبدأ المسير معي في هذا الطريق رغم عملها في المستشفى، فكنت أنتظرها تنتهي من عملها لنباشر التطوع في مغسلة كوفيد-19، وكانت البداية مرهقة ومتعبة وعصيبة فالوفيات تتزايد يومًا بعد يوم.

وتقول أيضا: بعدما تجاوزنا خمسًا وسبعين وفاة قمت بتأسيس فريق نسائي في ولاية العوابي، وقمت بتدريبهن على طريقة اللباس وكيفية تغسيل وفيات كورونا والمحظورات (الممنوع) عمله أثناء الغسل، وكنا نعمل في الليل والنهار والحظر وتحت المطر وحتى أيام العيد.

وتصف الخروصية أحد المشاهد بالمؤلم والموجع حينما أُحضرت فتاة إلى المغسلة بمفردها وغادرت بمفردها بلا أهل ولا وداع ولا أم ولا أب وغيرها من المشاهده المؤلمة كالبكاء والصراخ وحضور الأطفال وهم يودعون أمهاتهم.

وأكدت الخروصية بأن على الحكومات أن تستعد لمثل هذه الأوبئة والأمراض بصورة مسبقة، عبر الاستعداد البشري وتسخير فرق متخصصة، فلا يترك الأمر للتطوع؛ فعملية التغسيل والتكفين ليست بالأمر الهين وما يحدث من مآسٍ داخل المغاسل لا يتحمله متطوع ولا تستوعبه عقول.

واختتمت حديثها لـ “أثير” قائلة: يحسن الله عزاءك أيها الإنسان في من فقدت وفقدنا من أهل وأحباب وأصحاب، ونسأل الله لكل من فقدنا الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، وأن يكون ذلك الكفن الأبيض من الفردوس وذلك الطيب من الجنة.

 

*صورة الموضوع من شبكة الإنترنت

Your Page Title