مسقط-أثير
إعداد: سليمان بن صالح الراشـدي- مختص ومدرب في إدارة الوثائق والمحفوظات وسريتها وأرشفتها ومهتم بالتطوير المؤسسـي
تكمن قيمة الوثائق في الدور الذي تلعبه في إنجاح العمل الإداري، إذ تساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة والدقيقة بفضل المعلومات التي تحويها كما أنها تحفظ الحقوق للأفراد والمؤسسات فضلا عن كونها شاهدا تاريخيا للفرد والمؤسسة والوطن.
وتجسيدا لهذا الدور اهتمت سلطنة عمان بهذا الجانب وكان العام 2007 عاما مفصليا في اهتمامها بمجال إدارة الوثائق، إذ تم إصدار المرسوم السلطاني رقم 60/2007 المتعلق بإصدار قانون الوثائق والمحفوظات، وتماشيا مع التطورات والضرورات المتواكبة مع الاحتياجات المؤسسية وتعزيزا لمنظومة إدارة الوثائق والمحفوظات تم إصدار المرسوم السلطاني رقم 52/2022 القاضي بتعديل بعض أحكام قانون الوثائق والمحفوظات الصادر في عام 2007 م، والذي كان له عظيم الأثر في معالجة جملة من الإشكالات التي كانت تواجه تطبيق منظومة إدارة الوثائق والمحفوظات في السلطنة، ومن خلال هذا المقال عبر صحيفة “أثير” أحاول تسليط الضوء على أبرز هذه التعديلات وانعكاسها على تجويد العمل الإداري.
فبموجب التعديل الأخير على القانون تم إلغاء مجلس إدارة الهيئة، وأعطى القانون رئيس الهيئة الصلاحيات الممنوحة للوزير المشرف على الهيئة في النظام السابق، وهنا نلمس بشكل كبير ودقيق اهتمام المشرع بتجويد العمل وتسهيله من خلال تقليل دورة اتخاذ القرار الإداري في بيئة العمل وبما يتواكب مع التوجهات والأساليب الإدارية الحديثة.
في الجانب الآخر منح التعديل الأخير للقانون صفة الضبطية القضائية لموظفي الهيئة، وبالتالي تساعد هذه الخطوة الهيئة على تحقيق أهدافها التي نص عليها القانون مما يشكل ضمانا ودافعا مهما نحو تطبيق قانون الوثائق والمحفوظات واللوائح والقرارات المنفذة له انسجاما مع الصلاحيات الجديدة الممنوحة لرئيس الهيئة.
كما ألزم التعديل الأخير للقانون الجهات المعنية بتطبيق النظام بإرساء منظومة إلكترونية لإدارة وثائقها وفق الاشتراطات والمواصفات المعتمدة من قِبل الهيئة، وهذا الأمر يشكل أهمية بالغة في حث الجهات على التسريع من جهودها في استكمال منظوماتها الإلكترونية والتحول الرقمي بشكل كامل مما يعزز توجه السلطنة نحو استثمار التقنية الحديثة فيما يتعلق بتسريع إنجاز الأعمال وتبسيطها وبما يتواكب مع رؤية عُمان 2040م وفق أولوية حوكمة الجهاز الإداري للدولة وبالتالي رفع تصنيفات السلطنة وتعزيزها في التقارير العالمية والدولية والتي بلا شك تعكس جهود السلطنة واهتمامها في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالمحافظة على الوثائق وسرية المعلومات التي تتضمنها ألزم التعديل الأخير للقانون كل شخص يستعمل الوثائق لإنجاز عمله أو يطلع عليها في إطار ممارسته لمهام عمله عدم تسليمها للغير أو نشرها بأي وسيلة من الوسائل دون الحصول على إذن كتابي، كما فرض عقوبات على كل من يخالف هذه المادة، وهذا الأمر يعالج إشكالية إفشاء المعلومات وتسريبها في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل في ظل تعدد الوسائل والوصول السهل والسريع للمعلومات وعدم اليقين التام بمصادرها وهو بلا شك يعيق عملية التنمية جراء الإشاعات التي ينتجها.
كما رفع التعديل الأخير للقانون مدة إتاحة محفوظات وبيانات سجلات الأحوال المدنية المتعلقة بالولادة، والمحفوظات المتضمنة معلومات عن حياة الأفراد المهنية، والصحية إلى (120) مائة وعشرين عام منذ تاريخ ميلاد الفرد بدلا من (100) مائة عام، وهذا الأمر يتواكب مع التوجه العالمي في زيادة مدد حفظ الوثائق وإتاحتها للعموم بعد انقضاء فترات عمرية محددة مما يرفع من نسبة الشفافية ويعزز من ثقة وضمان المواطنين لحفظ وثائقهم ومحفوظاتهم لدى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.