أثير – مكتب أثير في القاهرة
إعداد: عادل أبوطالب
عكست الاحتفالية التي أقيمت بالمتحف القومي للحضارة المصرية مساء أمس بمناسبة العيد الوطني الثاني والخمسين لسلطنة عُمان، ومرور خمسين عاماً على بدء العلاقات المصرية – العُمانية، عكست دلالات عديدة جمعت بين التاريخ والحضارة والرؤى المشتركة في العلاقات العمانية – المصرية.
وقدم حجم الحضور من كبار رجال الدولة المصرية والشخصيات السياسية والإعلامية والفنية والثقافية التي حضرت الاحتفال، ناهيك عن العدد الكبير من الوزراء المصريين وسفراء الدول العربية والأجنبية، قدم صورة نادرة واستثنائية لمعنى الاحتفال والود الذي يكنه الشعبين لبعضهما البعض.

كما عكست في دلالتها السياسية، ما تمثله تلك العلاقة بين البلدين من تقدير بمناسبة غالية كان لدور القيادة السياسية في سلطنة عمان ومصر أياد ذهبية رسمت مسيرتها المشرقة عبر عقود مختلفة.

وكان للكلمة التي ألقاها دولة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال الاحتفال مغزاها الذي عبر عن تاريخ بناء في مسيرة علاقات البلدين ،حيث أعرب مدبولي عن سعادته بالتواجد وسط هذا الحضور الكريم للاحتفال بمرور خمسين عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية مصر العربية وسلطنة عُمان الشقيقة، قائلاً: “لطالما جمعنا بسلطنة عُمان وبشعبها الشقيق أقوى العلاقات على مختلف المستويات الرسمية والشعبية.. وقد شهدنا معاً على مدار التاريخ مواقف وأحداثاً دللت جميعها على متانة الوشائج التي تربطنا سوياً”.

وأشار مدبولي، إلى أن العلاقات التي تربط مصر بسلطنة عُمان قديمة وتاريخية، وتتجاوز دون شك عمر العلاقات الدبلوماسية الرسمية التي نحتفل بها اليوم، لافتاً إلى أن السلطنة -كما مصر- لها في التاريخ نصيبٌ وباعٌ كبيران، وسطرت صفحات مُضيئة عبر تاريخها، وتلاقت في كثير من المحطات وتقاطعت مع الحضارة المصرية عبر الحُقب المختلفة، فَتَشاركتا في الإسهام في الحضارة الإنسانية وتطورها ورقيها.

وقال مدبولي، خلال كلمته: إذا إنتقلنا إلى التاريخ الحديث للعلاقات الرسمية بين البلدين، لوجدناه عامراً بالشواهد والدلائل على خصوصية وتميز هذه العلاقة، والدعم المتبادل، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
وأضاف: لن يكون عسيراً على أي مُراقب ملاحظة ما تميزت به العلاقات المصرية – العُمانية من تَشَارك في الرُّؤى والأهداف القائمة على إعلاء قيم السلام والأمن والإستقرار، والإحترام المشترك، والسعي من أجل تحقيق التنمية ورخاء الشعوب، والحرص على الإسهام الإنساني بمختلف صوره وأشكاله.
وأوضح رئيس الوزراء المصري أن احتفال اليوم بمرور خمسين عاماً على بدء العلاقات المصرية – العُمانية، إنما يمنحنا الفرصة للتعبير عما نُكِنُّه من تقدير خاص للعلاقة مع سلطنة عُمان الشقيقة، إذ أننا نعتبر العلاقة معها مثالاً للعلاقات الدبلوماسية الأخوية الصادقة.
وأشار مدبولي إلى أن الاحتفال في وجود هذا الجمع الكريم، إنما يُمثل كذلك فرصةً سانحة كي نُجدد التأكيد على ما تحمله العلاقة بين البلدين من فرص وقُدرات كامنة، لاسيما في شِقِها الاقتصادي، قائلاً: “هذا الأمر يدفعني إلى دعوة الجميع – حكوميين وغير حكوميين – إلى اعتبار هذا الاحتفال بمثابة نقطة إنطلاق لمسار جديد نَأْخذ فيها العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى آفاق جديدة، فنضعُ أهدافاً، ونُحققها، لتعزيز الاستثمارات المشتركة، وزيادة التجارة البينية والسياحة والتعاون في المشروعات الاستراتيجية وقطاعات النقل والخدمات المالية وغيرها من مجالات لدى بلدينا فرص وإمكانات واعدة بها”.
وكشف رئيس الوزراء المصري عن أن زيارة فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى سلطنة عُمان، ولقائه بأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، في يونيو ۲۰۲۲، وكذا انعقاد أعمال الدورة الخامسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين في يناير ۲۰۲۲، قد أَظْهرتا توافر الإرادة والدعم الرسميين للانطلاقة في العلاقات الأخوية المصرية – العُمانية، ودعم القادة الواضح في البلدين لها، داعياً في هذا الصدد رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين إلى البناء على هذه الإرادة السياسية، وَمُواكبة هذا الزخم، والاستفادة مما يتوافر في البلدين من فرص للاستثمار والتطور.
وأضاف: دَعُونا إذن ونحن نحتفل بمرور خمسين عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أن نتعاهد على أن نرتقي بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق جديدة، وعلى النحو الذي يدعم قاطرة التنمية والتقدم فيهما.
واختتم رئيس الوزراءالمصري كلمته بتوجيه التحية إلى الجالية المصرية في سلطنة عُمان، وإلى السلطات “الكريمة” في سلطنة عمان التي تحيط هذه الجالية بعناية أخوية ملموسة، مؤكداً أن هذا الجانب من العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين والدور الحيوي الذي تلعبه الجالية المصرية في السلطنة يُعدُّ شاهداً راسخاً وَدليلاً مُؤكداً على ما تتمتع به العلاقة بين البلدين من خصوصية وعُمق، وما يجمعنا من روابط أَخوية مُتعددة.
من جانبه توجه سعادة السفير عبدالله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عمان لدى القاهرة، خلال كلمته، بالشكر إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على هذه الاحتفالية التي تعكس عمق العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، معرباً عن تطلعه لأن تخطو تلك العلاقات نحو المزيد من التقدم في العديد من المجالات.
وأشار السفير العُماني إلى أن مصر لها ثِقَل مُهم في العالمين العربي والاسلامي، مستشهداً بكلمات للسلطان الراحل قابوس بن سعيد-طيب الله ثراه-، التي حملت إشارته إلى المكانة التاريخية لمصر، والتأكيد على أنها لم تتوان يوماً عن الدفاع عن قضايا العروبة.
وخلال الاحتفالية، افتتح رئيس الوزراء المصري، والدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، والسفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عمان لدى القاهرة، معرضاً للفنون التشكيلية نظمته سفارة سلطنة عمان، والذي ضم مجموعة متميزة من اللوحات والصور التي تعكس الهوية العُمانية، كما استمع إلى عدد من القصائد لشعراء عُمانيين عبرت عن عمق الروابط بين مصر وعمان، وشاهد فيلماً تسجيلياً حول أبرز المحطات التاريخية في العلاقات المصرية ـ العُمانية.