خاص-أثير
اتفق مجلسا الدولة والشورى الأسبوع الماضي على المواد المختلف حولها في مشروع قانون الحماية الاجتماعية، وهو ما سيتبعه جلسة مشتركة بين المجلسين للتصويت على مشروع القانون ثم رفعه إلى جلالة السلطان -حفظه الله-.
“أثير” تقدم في هذا الموضوع قراءة حول آليات عمل أنظمة التقاعد والمخرجات المؤملة من قانون الحماية الاجتماعية، مستندة في ذلك إلى أرقام ومعادلة رياضية حصلت عليها من مختصين في صناديق التقاعد وأنظمتها.
“أثير”
شهدت الفترة الماضية بعض الأخبار عن ملامح برنامج التقاعد في مشروع قانون الحماية الاجتماعية، وتتفاوت الأطروحات بين المطالبة برفع المعاشات وأثر ذلك على الاشتراكات، ومدى قدرة النظام على سداد المعاشات لفترات قادمة.
ومن المعلوم أن أنظمة التقاعد تعطي معاشات بموجب معادلة رياضية تأخذ بعين الاعتبار سنوات الخدمة، والراتب، ومعدل الاستحقاق السنوي، وتسمى هذه الأنظمة أنظمة تأمينية مُحددة المنافع.
وتعتمد قدرة هذه البرامج على سداد المعاشات اعتمادا كبيرا على مقدار الاشتراكات المحصلة وعوائد الاستثمار. وقد أشارت عدة تصاريح في الماضي إلى أن عجوزات الصناديق وصلت إلى أرقام مليارية، مما يثير التساؤل عما إذا كانت الاشتراكات وعوائد الاستثمار خلال السنوات الماضية عادلة مقارنة بالمعاشات.
ولمحاولة فهم هذا الترابط، يمكن أخذ مثال بسيط:
موظف بدأ عمله براتب خاضع للاشتراك مقداره (600) ريال عماني لمدة (5) أعوام، ثم أصبح راتبه (800) ريال لمدة (5) أعوام أخرى، ثم تصاعد ليكون (1000) ريال لمدة (5) أعوام، وتقاعد بعد (5) أعوام إضافية وكان راتبه الخاضع للاشتراك خلالها (1200) ريال عماني.
خلال هذه الـ (20) عاما، كان الموظف يسدد اشتراكات مقدارها (7%) من راتبه، وكانت جهة العمل تسدد اشتراكات مقدارها (17.7%) كما هو الحال في صندوق الخدمة المدنية، أي إنه خلال شهر عمله الأول مثلاً، سدد اشتراكا مقداره (42) ريالا، وسددت جهة العمل (106) ريالات، أي بإجمالي (148) ريالا. فإذا أعيد استثمار هذا الاشتراك لمدة (239) شهرا (20 عاما إلا شهرا) بعائد سنوي مقداره (6%) وهو عائد مقبول جدا، فإن إجمالي الربح للصندوق طوال المدة بعد استلام الاشتراك وحتى التقاعد سيكون (473) ريالا. وهكذا يمكن إعادة احتساب العوائد لجميع أشهر الخدمة، ليكون إجمالي المساهمات التي تسلمها الصندوق من الموظف وجهة العمل (53) ألفا، وإجمالي العوائد الاستثمارية المتراكمة (41) ألفا، أي (94) ألفا في المجمل.
ويحتسب معاش تقاعد الخدمة المدنية حاليا بضرب معدل استحقاق سنوي مقداره (4%)؛ في عدد سنوات الخدمة (20)؛ في الراتب الأخير (1200)، وينتج عنه معاش تقاعد مقداره (960) ريالا عمانا؛ فإذا تم تقسيم الـ (94) ألف ريال المتراكمة من اشتراكات وعوائد استثمار على المعاش الشهري؛ ستكون النتيجة بأن المبلغ المتراكم سيكفي لصرف معاشات لمدة (98) شهرا؛ أو (8) سنوات فقط.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدل الأعمار في سلطنة للرجال هو (77) سنة؛ فإذا كان عمر المتقاعد بعد (20) عاما في الخدمة في منتصف الأربعينيات عند التقاعد، فإنه سيحتاج لمعاش لمدة تتجاوز (30) عاما، وفي أغلب الأحيان سيصرف الصندوق معاشا للورثة كذلك لسنوات أخرى.
وكما يتضح من هذا المثال بأن مقدار المعاشات يرتبط ارتباطا وثيقا بمقدار الاشتراكات المسددة لنظام التقاعد، وأن تمويل نظام التقاعد هو الضامن لحقوق المشتركين في معاشاتهم عند انتهاء خدماتهم وكبر سنهم، وكذلك في حالات العجز عن العمل أو الوفاة.
ومما لا شك فيه بأن مشروع قانون الحماية الاجتماعية -وفق التصريحات الإعلامية وما هو متداول- جاء ليدعم حقوق الموظفين في معاشاتهم، ويحقق الطمأنينة في شأن القدرة والاستمرارية في صرف المعاشات لسنوات قادمة، ويضع الحوكمة الحديثة على برامج التأمين الاجتماعي.
وبناءً على ما تقدم؛ فإن التعديلات التي المنتظرة سيجريها مشروع قانون الحماية الاجتماعية ينبغي أن تراعي هذا الاتزان بين الاشتراكات والمعاشات، بحيث تكون المعاشات في مستوى مقبول، وتكون الاشتراكات العادلة المسددة للنظام في المستوى المقبول للموظف.