أثير – موسى الفرعي
إن الصراعات النفسية هي المنتجة للسلوكيات الشاذة عن الطبيعة البشرية، والسلوك كما يُعرَّف هو التصرف الذي يقوم به الفرد في ظروف محيطه البيئية والاجتماعية، لكن خطورة الأمر تتعدى الذات الفردية إلى المجتمع، لتشكل خطرا جسيما عليه، والأكثر غرابة حين تتحرك الحكومات لتبني ذلك، وما نشهده من سقوط مدو للعالم الغربي في مستنقع المثلية وأوحاله، وفي ذلك ضرب بالقيم الإنسانية والطبيعة البشرية، نجد أمريكا هناك بكل تبجح تتنصل من كل ما يمتّ للإنسانية والدين بصلة بعد توشح البيت الأبيض بعلم المثلية، وهناك الأمم المتحدة تستبدل أعلام الدول الأعضاء بأعلام الشواذ، وهناك بابا روما الممثل الأول للمسيحية يتوشح بعلمهم بعد أن كان يحارب الشذوذ بين القساوسة في الكنائس، وهناك يُستبدل العلم البريطاني بعلم الشواذ في العاصمة لندن، وكأن العالم الغربي يدفع الناس للحياة تحت ظل النظرة الفرويدية وتخريجها للشخصية السوية بزعم أنها تلك التي أشبعت حاجاتها الكلية دون الإحساس بالخجل أو القلق أو الشعور بالذنب أو الإثم، الذي يؤدي بها إلى الإحساس بالنقص أو الدونية، فيجعل سلوكها مضطربا، لذلك العالم الغربي يقاتل من أجل أن يجعل المثلية من طبائع الأمور وحرية اختيار.
حكومات لا تقيم اعتبارا للدين أو للإنسان تقود إلى هدم كافة القيم وتهجير الكثير من الرافضين لهذا الشذوذ الإنساني وذلك ببحث الإنسان في تلك المجتمعات عن مجتمعات بديلة تحترم فيها البشرية والفطرة السوية، ألم تحرِّم الأديان الإبراهيمية المثلية وآمن معتنقوها بأنها خطيئة، ألم يذكر العهد القديم هلاك الأمم بسبب خطاياهم، مدينة سدوم وعمورة مثالا على ذلك، ألم يُعدّ معظم اللاهوتيين والطوائف المسيحية بأن المثلية سلوك غير أخلاقي وخطيئة، وأدان الكتاب المقدس ممارسي هذه الخطيئة، فأين بابا روما من ذلك كله…؟
إننا نشهد أعلى مستويات انهيار الغرب وشنق المبادئ وقتل القيم الإنسانية من قبل العالم الغربي وتشجيعه على انتهاك القيم الإنسانية وهدم أسوار الحضارة ومعاييرها، ورفع مستوى الانحلال بتطبيعه وتسويغه ليكون مبررا ومباحا وسهل التصدير إلى الأمم والثقافات الأخرى، وقد يقول قائلهم إنها الحرية والطبيعة والحق الذي تبيحه تلك المجتمعات، فإن كان كذلك لماذا كانت تلك المجتمعات تفرض العقوبات على المثلية حتى بدأ طريق التشريع وسن القوانين لها منذ عام 1951 حتى تم التوقيع من قبل أكثر من ستين دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة على بيان يطالب برفع العقوبات عن المثلية والشذوذ الجنسي عام 2008م؟
لا يمكن أن يكون الشذوذ فطرة، إنها ازدواج نفسي وصراع الملذات، لذلك فإن العالم الغربي ينجرف إلى الهاوية وهو يدفع المجتمعات إلى التفكك والغرق في وحل المثلية وجفاف الإنسانية، ويرى الكثيرون اقتراب هجرات عكسية من قبل المحافظين والمدافعين عن القيم والفطرة السليمة في تلك المجتمعات إلى المجتمعات العربية هروبا من السقوط الأخلاقي هناك لتكون البيئة الإسلامية والعربية ملاذا وملجأ لهم.
إن العالم الغربي يصيّر نفسه إلى أكثر من سدوم، ويصدر شهادة وفاة للقيم والمبادئ الإنسانية والدينية، وفي ظل هذا الانهيار الأخلاقي علينا أن نلتفت إلى خطورة تصدير هذه الثقافة الفاسدة إلى مجتمعاتنا وتحصين أنفسنا وأبناؤنا بالدين والأخلاق والفطرة السوية لننجو من الانزلاق إلى الهاوية الأخلاقية التي يعمّقها الغرب يوما بعد يوم.