قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”

(rimaalsheikh)

أثير- مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري


هل الشعر إلا ما ارتحتَ له وتفاعلت معه ..؟، لذا اخترت ” القفز في المنتصف ” لأنّ نصّه فيه الكثير من القلق والسأم والضجر ..كحالتي، نصّ متوتر ساخر وله نوازع انتحارية ..، يمسك الأشياء يبعثرها ويمرّ إلى حاله ..ولا يستدرج التصفيق من أحد ..، نصّ يعبث بالشعر فيمسي هو الشعر، لنأخذ مثلا ..من قصيدة بعنوان ” أشياء لا تصلح للتسلية ” فقد كتبت الشاعرة فتحيّة الصقري نفسها بلا رتوش أو مساحيق ..، أنصحك أيّها القارئ أن لا تتبعها في مسعاها وهي تتجوّل بين الدبابات والفيلة :
” أخرج في وقت غير مناسب
في وقت مزدحم
لأصلح عطلا في ساعة يد،
وخللا أصاب حديقة.
أخرج في وقت تغلق فيه أغلب الشوارع
بالدبابات والفيلة.
أخرج، وأدخل في الطابور الطويل، الطابور الطويل الذي لا ينتهي أبدا
في حقيبتي أشياء لا تصلح للتّسلية
وغير قابلة للتعديل:
( إبرة خياطة، قصيدة شاعرة منتحرة، هاتف طاقته 3 في المائة، أقراص مسكّنة، علبة ماء فارغة )






قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”
قراءة في نصّ “القفز في المنتصف” قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”
قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”
قراءة في نصّ “القفز في المنتصف” قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”






قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”
قراءة في نصّ “القفز في المنتصف” قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”

هذا النصّ الشعريّ ..يباغتني بشعرية جديدة ..ويدفعنا إلى اكتشاف النثر..كمادة صالحة للشعر المناهض للقديم الموروث ..، ها هي في القصيدة التي أهدت عنوانها للمجموعة
” القفز في المنتصف ” تمارس فيها المبدعة حريّتها المسؤولة بأكمل وجه ..، تخرج من كلّ سياق مستهلك ..وتبحث لنفسها عن فضاء أرحب ..، ولعلّها ..إن واصلت هذا الجهد والإصرار والجنون المدروس ..ستبدع قصيدة جديدة : قصيدة مهتمة بتفصيل التفاصيل ومنشغلة بأركان قريبة ولكن لا يراها غيرها ..:
” طريقة جديدة لطباعة قبلة على عنق الصباح ، بلون الرمّان ، ومذاق الشوكولاته
هذا ما يمكنني بطريقة ما أن أسميه
بهجة جديدة
حبّا جديدا.
تستطيع أن تلبسه، وتخلعه وقت ما تريد، وتدير حياته كيفما شاء، وبالطريقة التي تناسبك
تأكله تشربه، تتفاداه، تلتصق به تتقيؤه تتذكّره، تنساه تمدحه تشتمه، تُفقده ذاكرته..تعيده إليها
دون أن يُسبّب ذلك ألما لأحد ..”
لم أكن أعرف أنّ الشاعرة فتحية الصقري زوجة الشاعر الكبير حسن المطروشي ..، فما أجمل أن يتصالح شكلان شعريان في بيت واحد، ما أروع أن يضمّ سقف واحد قصيدة نثر منشغلة بالتفاصيل بقصيدة تفعيلة مهووسة بذاتها وتاريخها وحاضرها ..، عرفتها صدفة واطلعت على ما حبّرته، علما أنّها أرسلتْ ثلاث مجموعات شعرية، خيّرتُ تخصيص وقت آخر للخوض في : ( يد عالقة في الهواء ) و (بريد متأخر)، وقد جبت هذه المجموعة( القفز في المنتصف ) وتنزّهت فيها قدر الإمكان ..، عسى تكون قراءتي في مستوى النصّ الشعري الطافح بالآن وهنا ..واللاهج بتفاصيل الذات والبيت والشارع والوطن ..، وفي الختام..أترككم مع هذا المقطع الشعريّ الجميل :
” أنا أيضا أركض،
أركض، وأشارك في الماراثونات دون قصد،
لكنّني أتوقّف كثيرا
أتوقّف
لأنظّف الأرضية والشبابيك ، ولأغيّر الستائر
أتوقّف
لأشتري علب هواء جديدة من دكاكين شبه منسية
لأنزع الدبابيس العالقة في حذائي
أتوقّف، لأنّي أنسى فجأة كلّ شيء
كمن سقطت على رأسه حديقة كاملة من الأغاني
أنسى كلّ شيء “











Your Page Title