أخبار

استغل شخصاً آخر لفعل الجريمة، فماذا يقول القانون عنه؟

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – ريما الشيخ

نعيش اليوم في عالم كثرت فيه القوانين، ولكننا نجهل الكثير من المفاهيم في هذا الجانب.

على سبيل المثال الفاعل المعنوي للجريمة، من هو؟ وماذا يقول القانون العماني عنه؟

حول هذا الجانب، قالت وعد بنت يعقوب بن مبارك المحروقية، باحثة ماجستير في القانون الجزائي بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس، خلال حديثها مع ”أثير“ بأنه قد لا يرتكب الشخص الجريمة بيده، أو لا يستعين الفاعل بأعضاء جسمه في اتيان الحركة العضوية التي يتطلبها القانون لتحقيق الركن المادي للجريمة ومع ذلك تتحقق النتيجة التي يسعى لها الجاني وذلك بتسخير غيره لارتكاب مشروعه الإجرامي كأداة بيده وبدون أن يعلم الأخير أنّه يرتكب جريمة وهذا هو الفاعل المعنوي للجريمة والذي يطلق عليه أيضا بالفاعل غير المباشر أو الفاعل الذهني.

وأضافت: تعددت تعريفات فقهاء القانون للفاعل المعنوي، ومن التعريفات المتماشية مع ما نص عليه قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/2018) أن الفاعل المعنوي للجريمة من يسخر غيره لارتكابها إذا كان هذا الغير غير مسؤول جزائيا أو حسن النية.

وطرحت الباحثة أمثلة للفاعل المعنوي، فذكرت: من يسخر شخص غير مسؤول جزائيا، كمن يعطي سكين لمجنون ويطلقه على الناس أو يعطي قنبلة لطفل غير مميز لإلقائها على المجني عليه. وكذلك من يستغل شخصا مسؤول جزائيا ولكنه حسن النية، كمن يطلب من سائق أجرة أن يحمل حقيبة مملوكة لآخر في السيارة فيحملها السائق معتقدا أنها له.

وأضافت: بالطبع أثارت فكرة الفاعل المعنوي جدلا ونقاشا فقهيا واسعا وتباينت موقف التشريعات الجزائية سواء العربية أو الغربية بين مؤيد ومعارض وبين من اعتبره فاعلا أو شريكا أو محرضا، ولا يسعنا هنا تناول كل الاتجاهات والآراء، عليه سنقتصر على بيان المبررات التي استند عليها أنصار فكرة الفاعل المعنوي:

أولها: القانون -كالقاعدة العامة- يساوي بين الوسائل التي يستعين بها الجاني في ارتكاب الجريمة، فيعاقب الجاني سواء استخدم أدوات مادية، او شخصا غير مسؤول جزائيا، أو حيوانا.

ثانيها: أن نشاط الفاعل المعنوي لا يعد تحريضاً على الجريمة، فالتحريض هو: خلق الفكرة الإجرامية في ذهن الغير والتصميم الإجرامي لديه، ولا يتحقق ذلك إلا إذا وجه النشاط إلى شخص لديه الإدراك، وهذا ما لا يتحقق إذا ما وجه التحريض الى شخص غير مسؤول جزائيا.

وأشارت الباحثة إلى أن المشرع العماني أخذ بفكرة الفاعل المعنوي كفاعل أصلي للجريمة في قانون الجزاء العماني الجديد على خلاف القانون الملغي، إذ نص في المادة (37)، الفقرة (ج):” يعد فاعلا للجريمة: ج- من سخر غيره بأي وسيلة لتنفيذ الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الشخص الأخير غير مسؤول جزائيا أو حسن النية“.

وأضافت: يتضح من النص أن المشرع العماني قد وسع مفهوم الفاعل الأصلي، واعتبر فاعلا أصليا للجريمة كل حالة يكون فيها منفذ الجريمة غير مسؤول جزائيا أو حسن النية. وقد أحسن المشرع العماني حين أخذ بفكرة الفاعل المعنوي لسببين؛ أولهما: الأخذ بفكرة الفاعل المعنوي تسد ثغرة في النظام العقابي؛ وذلك بمنعها إفلات الجاني، الذي لا يرتكب الركن المادي للجريمة بنفسه، من العقاب وهذا يؤدي بدوره لتحقيق للعدالة، ثانيها: حسم النزاع الفقهي والتشريعي المتعلق بصفة الفاعل المعنوي، حيث لم يترك المسألة لتقدير واجتهاد القضاء، واعتبر الفاعل المعنوي فاعلا أصليا للجريمة.

وفي الختام، تؤكد الباحثة وعد على أن يشدد المشرع العماني العقوبة على الفاعل المعنوي كما فعلت بعض التشريعات، فمن يستغل الغير مسؤول جزائيا أو حسن النية، كدمية ويدفعه لارتكاب الجريمة فهو يعبر عن خطورة إجرامية أشد عن الفاعل الذي يستخدم أدوات مادية لتنفيذ مشروعه الإجرامي.

Your Page Title