فضاءات

عُمان تجسيد السلام .. والكتابة وهم كبير

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

 

موسى الفرعي

 

 

إن الكتابة عن السلام في زمن الحروب وهم كبير، فالكتابة عن السلام لا تشري بيتا لعائلة صغيرة، ولا تمنح رغيف خبز لطفل يتضور جوعا، ولا لعبة لطفلة كي تمسد شعرها الاصطناعي الذي يمنحها فرحة بحجم الأرض، السلام أمر يعاش ولا يكتب عنه، السلام طفل يُحسُّ ويُرى، يشارك أطفالنا لعبهم وحلوى عيدهم، أسأل المولى القدير أن يحفظ البلاد والإنسان في كل مكانٍ، وأن يغسل بلاد المسلمين بفضله ونعمته فهو السلام الأكبر والمحبة الكبرى.

 

 نعم إن الكتابة عن السلام في زمن البندقية والرصاص والموت العبثي وهم كبير، إلا أن هذا الأمر مختلف هنا في عُماننا الحبيبة، فهنا السلام يكبر كالأشجار في تراب وطننا، والأطفال يشربونه مع حليب الصباح، والرجال يحملونه في جيوبهم وملامحهم، والنساء ترشه عطرا يختلط مع أوكسجين بلادنا، إنه نعمة وفضل من الله عز وجل الذي أكرمنا بها وهو ذو الفضل والكرم الأكبر، وذلك إذ خصنا بعُمان تاريخا وحاضرا وقائدا يذود عنها ويرسم لها مستقبلا أفضل، إن الخامس من نوفمبر يتجلى أمامي الآن، إنه أقصر يوم في التاريخ فمدته هي تلك الدقائق التي حملت إلينا خطاب جلالته، وهو أعظم يوم في التاريخ لأنه رفع الغطاء عن القلوب التي كانت تنبض بحب الأرض والقائد وكانت تنتظر فقط أن يرفع عنها الغطاء لتفيض عن قدرة تحمل هذا القلب منسوب الانتماء والمحبة التي اختزلتها قلوبهم.

 

حين كنت أستمع لخطاب جلالته في الخامس من نوفمبر مرات ومرات كنت أسأل نفسي هل هذا السلام الذي ننعم به صناعة أم فطرة جبل عليها الإنسان الكريم على هذه الأرض الكريمة، ونظرةٌ على التاريخ كافية لتثبت أن الإنسان العماني مجبول على الكرامة والسلام والمحبة، إلا أنه يتحول إلى وحش مخيف إن حاول أحد أن يمد يده بسوء على هذه الهدايا الإلهية العظيمة، التي وضع الله حساسيتها في كل إنسان على هذا الكوكب إلا أن هذه الحساسية مفرطة هنا، صحيح أن هناك من اليوميات والعاديات ما كان يثيره في الزمن الفائت وكانت تحتاج إلى تنظيم واتزان، إلى أن بزغ فجر هذا الإنسان العظيم حفظه الله فقرأ التاريخ وقرأ الإنسان وقرأ الجغرافيا وتعامل معها بمنطقها ومعطياتها ولكن برؤاه وأحلامه هو، وما يليق وما ينبغي أن تكون عليه عُمان وإنسانها، إلى أن اتزنت به كل معادلات الحياة.

 

نعم الرهان الحقيقي هو هذا الإنسان العماني، ولو أنه كان يحمل في داخله رفضا للتنظيم والاتزان الإنساني لما كان ما هو كائن، إلا أن الإنسان عند علماء النفس نوعان قابل للتغيير وغير قابل، لذلك حين جاء جلالته كان الإنسان ينتظره من عصور وعصور لأنه  يرى بأنه بطلُ الآتي الذي طالما انتظره والذي كان يعلّق عليه أمنياته ومستقبله والأطفال الذين يمثلون هذا المستقبل والذين توارثوا الانتصار لوطنهم وعقيدتهم تحت وطأة كل الظروف التي مرت بأسلافهم والتي قد تمر.

 

نعم نحن ههنا وفي هذه الجغرافيا المباركة نُدرك أن الحياة جديرة بأن تُعاش فهي التجسيد الحي للسلام، وبأن الإنسان يمكن أن يكون ما يريد حين يؤمن بأحلامه ويسعى إليها.

 

Your Page Title