أثير – ريـمـا الشــيخ
طرّز من لمعان الذهب أشكالا مبتكرة للجمال، وصمّم من الأحجار الكريمة قطعًا فريدة من نوعها، وصاغ من الفضة نماذج مميزة ممزوجة بين عبق الماضي وأصالة الحاضر.
إنه الشاب العُماني هلال بن محمد بن عبدالله الشيباني من سكان ولاية أدم، في العقد الثالث من عمره، يعمل منسق شوؤن موظفين بشركة نفط في القطاع الخاص، أما المهنة والشغف الآخر الذي طالما شغله فهو صياغة المجوهرات.
يقول الشيباني لــ “أثير” متحدثا عن مشوار رحلته في عالم صياغة الحُلي: بدأ مشواري في صياغة المجوهرات عندما كنت في الثاني عشر من عمري، حيث كنت أرافق والدي إلى الورشة التي كان يعمل بها، وأقضي أغلب أوقاتي معه في تعلم صياغة الذهب والفضة التي توارثها عن أجدادي، فقد كان جد جدي يعمل أيضًا صائغًا ونقل المهنة إلى جدي، ونقلها جدي إلى أبي، وحرصا من أبي وحبه لهذه المهنة عمل على نقلها لنا -أنا وأخوتي-.
وأضاف: حبي وشغفي لتعلم صياغة المجوهرات يعود لرؤية أبي وهو يعمل، ودراسة كل مراحل الصياغة بمخيلتي قبل البدء بصياغة الحلي، نعم كنت أفشل وأخسر عمل يوم كامل، لكن بالنسبة لي فشل اليوم هو مجرد بداية لي ودرس لنجاح الغد.
”الإلهام يأتي بمزج بين الحاضر والماضي للخروج بفكرة عصرية“، هذا ما قاله وعمل به الشاب هلال لابتكار تشكيلات جديدة: لطالما كنت أصمم حُليا وأجد عدم تقبلها من بعض الناس؛ فعادة تكون تصاميم غير رائجة بالسوق المحلي، لكن أغلب الأوقات أجد تلك الفئة التي تعشق تلك التشكيلات وخصوصًا بالوقت الحالي أصبح الكثير منهم يختار التشكيلات الفريدة وغير المتكررة بالسوق لدينا، وأنا طلبات التصميم والصياغة من بعض الزبائن تلهمني دوما وأحمل أفكارا جديدة مشتقة من بعض التصاميم.
وذكر أيضًا: أفضل بأن أمزج بين التصاميم التقليدية والعصرية وأخرج بتصاميم تحمل ذكريات الماضي وتألق الحاضر، لكن أجد نفسي أمام تحدٍ كبير بالنسبة للتصاميم العصرية لكونها تحتاج إلى أجهزة حديثة من حيث مراحل التصنيع، وفي الوقت الحالي أعمل بيدي للصياغة، ولدي أفكار واسعة الأفق، وأسأل الله أن أوفق في تطبيقها خلال مسيرتي.
وأضاف: يوجد الكثير من الشباب العمانيين وخصوصًا فئة البنات قد تخصصوا بدراستهم في هذا المجال، منهم من يملك المقدرة بالتصميم في المجوهرات، ومنهم من يجيد صياغة المجوهرات، لكن وجدت القليل من ابتدأ أو عمل في هذا المجال .
أما عن المعدن المفضل لدى هلال، فقال لنا: أفضل معدن الذهب، وذلك لسهولة العمل به، وخصوصا بالتشكيل والتصنيع، وقد قمت بصميم الكثير من القطع المميزة، وأعدّ كل من تعامل معي مميزا كونه اختارني في تصميم وصياغة طلبه، وبعض الأحيان عندما أصمم قطعا مميزة أفضّل الاحتفاظ بها لنفسي كونها تحفة جميلة قيمتها معنوية أكثر من أن تكون مادية .
”القليل من الإصرار يقابله الكثير من الإنجاز“، هذا ما عمل به الشيباني رغم التحديات التي واجهها، فقال: من التحديات انتشار العمالة الوافدة في هذا المجال واحتكارهم السوق المحلي، فمتى ما طلبت منهم تعليمك أمرا ما، يتحججون بعدم وجود وقت لديهم أو يعلموك بطريقة مختلفة تماما فتفشل في مسعاك، لكنني تغلبت عليها كوننا في عصر حديث توفرت فيه كل برامج التواصل الاجتماعي وعالم الإنترنت الكبير، كما أن لدي أصدقاء من خارج السلطنة دوما أجد لديهم أجوبة لكل استفساراتي في هذا المجال .
كان الشيباني يعتمد كليا على ما يأتيه من أفكار واكتفى بما يصنع ويملك، مؤمنًا بأن الدعم النفسي هو أهم من كل شيء، جاعلا عائلته قدوة له، فقال: التشجيع من المجتمع ونظرتهم لي بالخير وخصوصا أنني قد ورثت أنا وأخوتي هذه المهنة أبا عن جد، هو فخرٌ وشرفٌ لي، وأنا سعيد بأن تكون لي بصمة في هذا العالم.
وختم الشاب هلال الشيباني حديثه مع “أثير” ناصحًا الشباب العماني بالحفاظ على الحرف التقليدية أو أي مهنة متوارثة، فهو إرث وبصمة حضارتنا في أرض عمان وعلينا نقله للأجيال القادمة، مؤكدًا بأن شباب عُمان هم قدوة بهذا الوطن وإنجازاتهم لا تحصى، ولا يستسلمون مهما صعبت مراحل الحياة عليهم، سائلا المولى عز وجل الموفقية للجميع.