فضاءات

7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار

7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار
7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار 7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار

أثير – مكتب أثير في تونس
حاوره: محمد الهادي الجزيري


متجذّر في أصله، متواضع كالسنابل المثقلة، تسأله فيردّ عليك بأجوبة صافية، هذا هو ضيفنا بأثير اليوم، زار وعمل في عديد الجامعات العربية وألقي الرحال بجامعة صحار، وقد وافق على تمكيني من وقته والاطلاع على كدّه العلمي، فكان هذا الحوار الصريح الشيق، تحدثنا خلاله عن عُمان بشعبها وانفتاحه على الآخرين، وتطرقنا إلى دراسته الأكاديمية وإلى الساحة الثقافية العمانية رغم قصر الفترة التي احتك بها، أترككم مع الدكتور الأردني نضال الشمالي.

7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار
7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار 7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار

– هذا عامك الثاني في صحار، في الجامعة العُمانية، كيف وجدت الأجواء في بداية الرحلة، هل تأقلمت مع المجتمع العُماني وهل وجدت صعوبة تذكر؟

المجتمع العُماني مجتمع عروبيّ الهُوية أصيل المحتد، جذوره ضاربة في عمق تاريخ أمتنا العربيّة والإسلاميّة، والمجتمع الذي يتأصل في هذا المكانة المشرفة تكثر القواسم المشتركة بيني وبينه، فأجدني وأجده على جادة واحدة من الحرص على لملمة فتات الهُوية وتمكينها خلقاً سوياً مغدقاً في عطائه، وقد تأكّدت لي هذه النظرة عندما قدمت إلى سلطنة عمان قبل عام من اليوم للعمل أستاذاً للسرديات والأدب الحديث في جامعة صحار، فلقيت من إكرام الوفادة ما وجدت، وصبوت بصداقات لأحباء عُمانيين تلاقت أفكارنا وانسجمت تطلعاتنا، لا سيما وأن العُماني عامة ينطلق من منصة خُلُقية راقية في التعاملات اليومية عامة ومعنا نحن معشر الأساتذة خاصة، لقد لمست طيبة ولطفا في جلّ تعاملاتي خلال عام كامل ومن طبقات وفئات اجتماعية متعددة، فأدركت أن ذلك سلوك يومي عام.

– واضح وجلي بقراءة سيرتك الذاتية، أنّك مقسّم بين دراساتك الأكاديمية وبحوثك العلمية وأنشطتك الأدبية المختلفة، كيف تفصّل وقتك وتقسّم نفسك لتحقيق هذا الإنجاز الذي ينمو يوما بعد آخر؟

انتمائي إلى وظيفتي الأكاديمية الثقافية التوعوية يحتل مساحة أوسع من عملي في باقي المجالات، احتلالاً يشعرني بأن الحياة الجامعية الأكاديمية هي هواية أصيلة ذات بعد ملحمي متصل، فمنذ عام 1999 وأنا مستغرق بهذه المهنة التي أتخذها هواية محببة إلى نفسي حتى أحافظ على الانسجام معها، وقد مكنتني من خلال التعاقب على جامعات عديدة فتحت لي أبوابها بصفات متعددة؛ كعضو هيئة تدريس، أو محاضر غير متفرغ، أو أستاذ زائر، أو أستاذ متفرغ علميّ، ومع أنّ عملي الأصلي في جامعة البلقاء التطبيقة في الأردن وما زلت أستاذاً فيها، إلا أنني عملت في جامعات أردنيّة عديدة كالجامعة الأردنية، وجامعة العلوم الإسلامية العالمية، والجامعة العربية المفتوحة، وجامعتين سعوديتين هما جامعة الجوف وجامعة الملك فيصل، وجامعة عُمانية هي جامعة صحار، التي أنتمي إليها اليوم للعمل ولإنجاز بحث تفرغ علميّ أتاحته لي مشكورة جامعة البلقاء التطبيقية، أما البحث العلمي فأخصص له سويعات محددة في كل أسبوع، لالتزامتي الأساسيّة تجاه طلبتي في الجامعة، إذ لا أرى قيمة للبحث دون وفاء حقيقي تجاه قاعة المحاضرة التي أصنع فيها شخصيات علمية واعدة ما استطعت، ترى الحياة بمنظور علمي واقعي بنّاء، وتضع المعرفة في ميدان التطبيق، أما النشاطات الثقافيّة العامة فهي موسميّة هنا في سلطنة عُمان أُنتدب لها في فترات متباعدة، وهذا يريحني كثيراً فلا أكون على منصة الندوات بشكل دائم لأن لهذه المنصات ضريبتها أيضاً.

7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار
7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار 7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار

– مجتمع مشرق الشمس معروف بالانفتاح والتواصل مع الآخر، هل لمست هذا من خلال تعاملك المباشر مع الناس؟

يمكن أن أصف المجتمع العُماني بأنه مجتمع متفهم ويحب أن يحترم خصوصيات الآخرين ويدافع عن ذلك، تماماً كحبّه أن يحترم الآخرون خصوصيته الثقافيّة والاجتماعيّة، وهذه معادلة صعبة في الواقع لم أجدها -في تطوافي- بارزة بروزها في عُمان، فالعاصمة مسقط ومدينة صحار -وهما المدينتان اللتان أتردد بينهما- فيهما تنوع مجتمعي كبير يضم ثقافات متعدّدة اجتمعت على كلمة سواء هي العمل من أجل البناء والتقدم واحترام الآخرين. وقد لمست ذلك لدى العديد من الجنسيات العربية وغير العربية التي زاملتها أو تعاملت معها، إذ هناك ارتياح عام ورغبة في الاستمرار، وهنيئاً للدولة القادرة على التوفيق بين كل هذه الاختلافات من أجل بلوغ غايتها.

كما تشرفت بتلبية العديد من الدعوات المضيافة لثلة من الأساتذة العمانيين الكرام، كالدكتور محمد الشيزاوي من جامعة السلطان قابوس ومنزله في صحار، والدكتور علي الريامي من الجامعة التطبيقية ومنزله في بلدة بات في عبري، والدكتور علي المانعي من جامعة صحار ومنزله في بلدة لوى، فضلاً عن دعوات عديدة لزملاء عرب من أساتذة الجامعات والباحثين.

– نعلم عنك أنّك كاتب مختصّ في تأليف الكتب النقدية، فهل تستعدّ لنشر كتاب جديد إضافة إلى الكتب المنشورة؟ نودّ أن تعرّف به قراء أثير…

اقترن الإنتاج العلمي الأصيل بالتمهّل والتؤدة والعمق حتى يسدّ ثغرة في مكتبة المعرفة، لا أن يُثقل الرفوف بأطنان من الورق عديمة القيمة، وأرجو الله العلي القدير أن تُضبط دور النشر فيما تنشره، وأن تكون مراقبة بهيئات علمية وازنة تدرس الأعمال قبل نشرها، وهذا صعب المنال في القريب العاجل، ولا مناص إلا من الرقابة الذاتية من ضمير الباحث ابتداء، من هنا أجدني مُقلاً في نشر الكتب، حريصاً على تقديم المفيد منها، ومن أمثلة ما نشرت “تجربة زياد قاسم الروائية” عام 1999 وكتاب “الرواية والتاريخ” عام 2006، و”قراءة النص الأدبي” عام 2009،  لكن انشغالي أكثر كان في إنتاج كتب تعليميّة لطلبتي في الجامعة أضبط فيها المصطلح والمنهج والمعلومة، أو الاشتراك البحثي مع طائفة من المتخصصين في إصدار كتاب علمي وازن ككتاب “قضايا في الرواية الأردنية” عام 2012، وكتاب “زياد قاسم راوي عمّان” عام 2019، وكتاب “بانوراما الثقافة في الأردن” عام 2022، أو أهتم بجمع أعمال لكاتب راحل شُهد له بالتفوق، كأعمال الكاتب الأردني الراحل بدر عبدالحق جمع وتحقيق ودراسة عام 2016. ومنذ سنوات عاكف على إنجاز كتاب متخصّص بأدب الرحلة العربيّة في فترة ما قبل عصر النهضة وملامح اتصالها بالآخر الأوربي، وكتاب تطبيقي آخر في الأدبيات التفاعليّة الرقميّة.

– برغم قصر احتكاكك بالساحة الثقافية العمانية، ومشاغلك المهنية، نسألك عن بعض الأسماء التي لفتت انتباهك بنشاطها الأدبي، وافتكت مكانها تحت الشمس؟

ما زالت خبرتي في الوسط الثقافي العُماني بسيطة رغم ثراء المشهد وتنوعه، وقد كان لي صلات طيبة بالدكتورة فاطمة العلياني وصالونها الثقافي المبجل في مدينة البريمي، وصلات حوارية مشرقة مع الشاعر والناقد العمُاني خالد المعمري، وصلات وثيقة مع أستاذ الأدب المقارن في جامعة السلطان قابوس الدكتور محروس القللي، والأستاذ القدير أستاذ السيميائيات في الجامعة نفسها د. أحمد يوسف، وبالدكتور شفيق النوباني في جامعة ظفار، والدكتورة هاجر حراثي في جامعة صحار، وهذه المجموعة واعدة بالاتساع تجمع بين الإبداع والنقد، وجميعهم زملاء أفاضل بما يقدمونه، ليس أقله ذلك التواصل العلميّ المشرق الذي يعيد الروح إلى توازنها.

– تتميّز جلّ جهات عُمان بالروعة والجمال، فها ثمة مناطق قريبة من قلبك، تزورها من حين إلى آخر للترويح عن النفس وبحثا عن راحة البال؟

الطبيعة المتنوعة لسلطنة عمان تفتن القلب، وقد تنوعت زياراتي بين البحر والجبل والصحراء فوجدت في كلٍ جماله الخاص، بدءاً من مطرح وسوقها التراثي الخلاب، وقصر العلم، وشاطئ القرم، ودار الأوبرا المدهشة، ومنطقة الموج العصرية، كما تسنى لي زيارة “بيت الزبير” في وفد رسمي من جامعة صحار رفقة رئيسها د. حمدان الفزاري والزميل العزيز د.علي المانعي، وهو بيت ثقافي ومتحف يأتي في مكانة مرموقة بين الهيئات الثقافية التراثية المهمة في عُمان، وقد حظيت بلقاء مؤسس البيت معالي محمد الزبير الذي استظهر ثقافة واسعة في المتن العُماني العريق.

أما صحار فكان لشاطئ المنيال حضور طاغ في جلساتي وتأملاتي بعيداً عن ازدحام العاصمة، وهو شاطئ معد إعداداً متقناً ومهيّأ على الدوام لاستقبال الزوار، يمكنني بين وقت وآخر من ترتيب أفكاري وتحديد مساري. كما أعجبتني الجبال الشاهقة في الطريق إلى زيارة آثار “بات” في مدينة عبري، وهي آثار ضاربة في القدم ما تزال بحاجة لمن يرعاها وينقب عن أسرارها، وقد لخص لي الزميل الدكتور علي الريامي تاريخها العريق. وبلدة “بات” متاخمة للصحراء والجبال معاً، ومن الوديان الجارية المشرقة أعجبني وادي عاهن ووادي حيبي في المسافة الفاصلة بين صحار وينقل، وهي وديان ذات تنوع جيولوجي مذهل، وفي نيتي إن شاء الله زيارة الجبل الأخضر وجبل شمس وبهلاء وسمائل ونزوى ورأس الحد وصلالة إن أتيحت الفرصة إن شاء الله.

7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار
7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار 7 أسئلة وأجوبتها تقربنا أكثر من دكتور أردني حط رحاله في جامعة صحار

– في المؤتمرات التي شاركت فيها وهي عديدة ما شاء الله، لمحت اسم “تونس” سنة 2011 في الرواية السياسية بسوسة، فماذا بقي من ذكريات من هذه الزيارة؟

كان مؤتمرا استثنائياً أقامته جامعة سوسة، قدمت فيه ورقة علمية عن التفاعلات السياسية في نماذج من الرواية الأردنية كأعمال زياد قاسم وسميحة خريس، وقد أفدت من الأوراق التي تقدّم بها عدد من الزملاء والتي سبقها إعداد وتحضير جيد من اللجنة التحضيرية للمؤتمر أشرف وعلى رأسهم د. البشير الوسلاتي، وضم حشداً من الأساتذة الكرام كالدكتور محمد خطابي، والدكتور أحمد السماوي والدكتورة شيراز بلعبرية والدكتورة أم الزين بو وزرة.. وكتاب تونسيين كجبار العش، كما مكنني هذا المؤتمر من التجول في تونس الخضراء وبالأخص العاصمة تونس والاطلاع عن كثب على واقع الحياة الثقافية والمعيشية فيها، وكان لشارع الحبيب بورقيبة أثر في نفسي لاحتضانه العديد من المظاهر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، خلاصة الأمر أن مثل هذه المؤتمرات تعطيك صورة بانورامية شاملة للبلد المزار ولا تقف عند حدود ورقة علمية تقدمها في عجالة.

Your Page Title