رصد - أثير
أقر مجلس الوزراء اللبناني أمس مشروع قانون استرجاع الودائع الذي يهدف إلى معالجة الأزمة المالية، التي كبلت الاقتصاد المحلي على مدى 6 سنوات. وأقر القانون بأغلبية 13 صوتا مقابل 8 أصوات، في مواجهة معارضة وزراء من مختلف الأطياف السياسية في البلاد. وسيحتاج القانون إلى موافقة البرلمان اللبناني حيث يمكنه إدخال تعديلات عليه.
ويهدف التشريع، المعروف باسم قانون “الفجوة المالية”، إلى توزيع الخسائر الهائلة الناجمة عن الانهيار المالي في لبنان عام 2019 بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف التجارية والمودعين، والسماح للمودعين الذين تم تجميد مدخراتهم باستعادة أموالهم تدريجيا.
وفي عام 2022، قدّرت بيروت الخسائر الناجمة عن الأزمة بحوالي 70 مليار دولار، لكن من المرجح -وفق رويترز- أن يكون الرقم حاليا أعلى من ذلك.
حجم استعادة الودائع
سيتمكن المودعون الذين تقل وديعتهم عن 100 ألف دولار، ويشكلون 85% من إجمالي الحسابات، من استعادتها كاملة خلال فترة تمتد على أربع سنوات، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الحكومة اللبنانية.
وأما كبار المودعين، فسيتمكنون من الحصول على مئة ألف دولار، على أن يعوّض الجزء المتبقي من ودائعهم عبر سندات قابلة للتداول، وستكون معززة بأصول المصرف المركزي الذي تشمل محفظته قرابة 50 مليار دولار.
تقاسم الأعباء
يقضي المشروع بأن تتحمل المصارف التجارية 20% من مسؤولية سداد الأوراق المالية المدعومة بالأصول، فيما يتم تمويل ودائع صغار المودعين بشكل مشترك بين المصارف ومصرف لبنان، على ألا تتجاوز مساهمة المصرف المركزي 60%.
كما ينص على تحويل الدين المستحق على الدولة لمصرف لبنان إلى سندات يتم الاتفاق على آجالها وأسعار فائدتها بين وزارة المالية والمصرف المركزي.
خطوة واقعية
دافع رئيس الوزراء نواف سلام عن القانون ووصفه بأنه “خطوة واقعية”، معبرا عن أمله في أن يعيد الثقة في النظام المصرفي، ليس فقط لدى اللبنانيين، بل أيضا لدى دول الخليج التي يمكن أن تستثمر في البلاد بمجرد تطبيق الإصلاحات، معتبرًا أن مشروع القانون “خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار الذي يعاني منه البلد وإعادة العافية إلى القطاع المصرفي”.
وشدّد سلام على أن مشروع القانون يتضمن “لأول مرة مساءلة ومحاسبة”، موضحا أن “كل من حول أمواله قبل الانهيار المالي عام 2019 مستغلا موقعه أو نفوذه، وكل من استفاد من أرباح أو مكافآت مفرطة سيخضع للمحاسبة ويُطلب منه أن يدفع تعويضا يصل إلى 30% من هذه المبالغ”.
تحفظات البنك المركزي
أبدى حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد تحفظات على مشروع القانون، وقال في بيان الثلاثاء الماضي إن “الجدول الزمني المقترح لسداد الجزء النقدي من الودائع يُعد طموحا إلى حد ما”.
وطالب سعيد بأن “يُخضِع مجلس الوزراء مشروع القانون إلى مراجعة دقيقة وشاملة وبنّاءة، تهدف إلى إدخال التحسينات والتّحصينات اللازمة بما يضمن العدالة والمصداقية وقابلية التطبيق العملي، وذلك قبل إحالته إلى مجلس النواب”.
واحتج عشرات الأشخاص بالقرب من مقر الحكومة أثناء اجتماع مجلس الوزراء، قائلين إن القانون لا يحمي ودائعهم. كما انتقدت جمعية مصارف لبنان، التي تمثل المصارف التجارية في البلاد، مشروع القانون.
ماذا حصل عام 2019م؟
انهار القطاع المالي في لبنان عام 2019م، مما أدى إلى تجميد حسابات الدولار، وفرض قيود مشددة على السحوبات، وانهيار قيمة الليرة بأكثر من 95%، واندلعت احتجاجات في العام ذاته من اللبنانيين الذين كانوا عاجزين عن سحب أموالهم من المصارف، إذ فرضت المصارف قيوداً غير رسمية جمَّدت الحسابات، وأغلقت أبوابها أمام المودعين. وأُوقف السحب بالدولار كليًا في فبراير 2020م.
لاحقًا عام 2020م، صدر تعميم يسمح بالسحب من الودائع الدولارية لكن بالليرة اللبنانية وبأسعار زهيدة. وفي عام 2021م، صُدر تعميم يسمح بسحب 400 دولار نقدًا و400 بالليرة شهريًا، ضمن سقف أقصى يبلغ 50 ألف دولار. تلا ذلك مجموعة من التعاميم، تحدد سقفًا مختلفًا، حتى صدر تعميم من مصرف لبنان بأن أي سحب يتجاوز الحدود يحتاج إلى موافقة خطية مسبقة.
المصادر:
الجزيرة
سكاي نيوز عربية
الشرق الأوسط
الأناضول

