أثير- فاطمة اللواتية
“المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامــة، ولا تميـيــز بينهـم في ذلك بسبـب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الـدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي”
مــادة (17) النظام الأساسي للدولة
” لا تمييز” هو الشعار الذي قامت عليه السلطنة منذ تاريخها الموغل في القدم، وإلى تاريخها الحديث، حيث المواطنون جميعا سواسية أمام القانون. ويحظر القانون إثارة النعرات الدينية أو المذهبية، ويجرم قانون الجزاء هذا الفعل بعقوبة السجن المؤقت لفترة لا تزيد على 10 سنوات.
علاقة السلطنة كدولة مع الآخرين، تنطلق من مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين، وعدم تدخل الآخرين في شؤوننا، كما ورد في خطابات حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه. ولهذا، فإن الحكومة، نادرا ما تصدر بيانات أو تصريحات ترد فيها على من يتحدث عنها، إلا إن كان محتوى الخبر خاطئا.
ولنا في هذا نماذج، عندما نفت وزارة الخارجية صحة خبر وكالة رويترز عن تهريب أسلحة عبر أراضي السلطنة إلى اليمن في أكتوبر الماضي، ونفي وزارة المالية صحة خبر وكالة رويترز عن قيام السلطنة بالبحث مع دول الخليج للحصول على وديعة بمليارات الدولارات لتعزيز احتياطاتها من النقد الأجنبي، وذلك في يناير الماضي.
وكما نلاحظ، اقتصرت الردود على الجوانب السياسية والاقتصادية، ولم تتطرق إلى الجاني الديني/ المذهبي أبدا.
وكان آخر اتهام وجه للسلطنة، عبر ضيف خليجي في قناة صفا التلفزيونية، حين تم الحديث عن تقسيم السلطنة وفقا للمذاهب كما ذكر، وقال لاحقا بأن البعثات الخارجية في السلطنة تتم وفق المذاهب الإسلامية، وأن هناك تحيزا في منح البعثات الخارجية.
وعلى غير العادة، وفي مفاجأة غير متوقعة، أفردت وزارة التعليم العالي بيانا بهذا الشأن، نشرته عبر مقاطع في صفحتها على التويتر، وذلك بتاريخ 23 مارس 2017م، قالت فيه: “تدين وزارة التعليم العالي ما نشر مؤخرا من مزاعم تؤجج المذهبية والتي صدرت من إحدى القنوات بأن البعثات التعليمية في عمان قائمة على توزيع مذهبي. إن الوزارة تنتهج أساليب وأسسا علمية في أداء عملها، مستدلة بنهج قويم يحترم المواطنة دون تمييز ومفاضلة إلا وفق المعايير العلمية واﻷكاديمية، وإن مخرجاتنا التعليمية لا ترفع إلا شعار الهوية العمانية وتتقلد مناصب عليا في الوطن وفق الكفاءة وبغض النظر عن المذهب. وإن كان هناك من يجد أنه قد ظلم بسبب مذهبه في إجراءات التعليم العالي فليقدم ما يثبت والإدانة وقتها واجبة”
بيان وزارة التعليم العالي كان موجها لطرفين، الأول خارجي، إذ أدان ما نشر من مزاعم، والآخر داخلي، حين قالت الوزارة بأنه إن كان هناك من يجد أنه ظلم بسبب مذهبه في إجراءات التعليم العالي، فليقدم ما يثبت ذلك.
هذا البيان أو التصريح، لم ينشر في الصحف الورقية العربية الصادرة يومي الجمعة والسبت (عُمان والوطن)، ويبدو أنه نُشر الكترونيا فقط.
يمكن اعتبار تصريح وزارة التعليم العالي بأنه أول خطاب حكومي رسمي يتحدث عن نفي التمييز بسبب المذهب، فالسلطنة لم تصدر بيانا أو تصريحات سابقة أبدا تناقش أو تتعرض أو تشير إلى المذاهب في السلطنة، ولم يرد هذا في أي رد رسمي من السلطنة تجاه أخبار أو تصريحات خارجية من أي طرف.
وإن هذا ليدعو إلى الاستغراب، والأسف في الوقت نفسه، أن تجد الدولة نفسها مضطرة للرد على خطاب مذهبي، وافتراء لا صحة له، وصادر عن قناة تلفزيونية لطالما سارت في هذا الطريق المؤدي إلى الفتنة.
كل زوار السلطنة من وفود رسمية وغير رسمية، كان لهم انطباع جميل، متحدثين عبر وسائل مختلفة عن التسامح، الذي يرونه بإعجاب، وهو جزء من حياتنا ويومنا، وحتى دمنا.
من يخاطب السلطنة بخطاب مذهبي بحت بحثا عن إشعال الفتنة يجر فعله دفاعا من أبناء الوطن، رافضين قوله وفعله، وهم يعبرون بدورهم عن رد شعبي، يرفض الاتجاه في ذلك الطريق، فهل الحكومة حقا بحاجة للرد رسميا على افتراءات تمس المجتمع ولا صحة لها، وتم الدفاع عنها شعبيا؟
إن أبناء السلطنة حماتها، يصدون هجمات الآخرين التي تمس بلادنا الحبيبة، وهي خط دفاع شعبي قوي جدا، للدولة أن تكتفي برده، حتى لا يفتح هذا التصريح بابا لتصريحات أخرى مماثلة.