تونس- مكتب أثير بتونس
حاوره: محمد الهادي الجزيري
في مطلع التسعينات من القرن الماضي ..، صادقت مبارك سالمين في دروب تونسية ..، كان يدْرس في الجامعة التونسية ..قادته الحياة إلينا ..إلى فوضويتنا ورؤانا ..وكان بدوره مدجّجا ” بيمنِيَتِهِ ” العريقة ..، بعدن الجميلة ..، وكان إضافة إلى كلّ ذلك …شاعرا وناقدا وباحثا ..فتوطّدت العلاقة بيننا ….وصرنا نلتقي بعد فترة من الزمن في ملتقيات عربية خاصة مؤتمر أدباء العرب ..، واليوم حان البوح بما عنده وقد جرّب كلّ شيء وترأس أكثر من منظمة..وهو اليمني المجروح ..، سيحدّثنا بصراحته المعهودة عن حاله ..عن حال اليمن ..عن بوادر السلام خاصة العُمانية منها ..وجنون الإخوة ..، وعن حنينه إلى تونس…
ـ أكيد بفعل الجيرة والقرب الجغرافي والتاريخي …أنّ لك أصدقاء عُمانيين ..خاصة قبل هذه الحرب المقيتة ..، فهل لك أن تذكر بعض من تعرفهم ومن قرأت لهم ؟
نحن وعمان الشقيق جغرافيا وإنسانيا نعدّ إقليما واحدا ، توحدنا الثقافة المشتركة والدين والمعيش المتشابه ، والتاريخ والبحر والعادات ، وحتى أسماء بعض الأماكن ، والحلوى ، …الخ ، وبالتأكيد فنحن على صلة وتواصل دائمين مع أهلنا واصدقائنا في عمان ، وقد كان لمجلة ” نزوى ” دورا كبيرا وبارزا في تعزيز اواصر الأخوة والتعرّف على اسماء كثيرة من عمان الشقيق أمثال : الشاعر الكبير سيف الرحبي ، وإن كان الشاعر سيف الرحبي قد عرفناه في عدن قبل نزوى …. بالإضافة الى الأصدقاء الذين اقتربنا منهم كثيرا في لقاءاتنا المتكررة في اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الأدباء والكتاب العرب ..، وعلى رأسهم الشاعر الكبير الاستاذ سعيد الصقلاوي وغيرهم كُثر ، ولكننا للأسف بسبب ضيق التجارة العربية البينية في مجال الكتاب فإننا قليلا ما نجد الكتاب العماني في اليمن والعكس…
ـ كشاعر ومثقف ومربّي ..كيف تنظر إلى الصراع الدمويّ في اليمن ؟ أما آن لهم أن يريحوا ويستريحوا ؟
لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ــ أتكتب هذه الفترة ؟ أم شغلك أزيز الرصاص ودويّ المدافع ؟ ..أثمة ما أعددت للقراء عن هذه الفتنة الدموية ..، نريد أن نعرف ما جديدك ؟
أكتب ! نعم ، التوقف عن الكتابة في زمن الحرب موت أعمق وأشدّ من الموت لقد صدر لي اربعة كتب في هذه الفترة ، طبعا لا مطابع تعمل لدينا ولا دور نشر في عدن ، لكن بعض العواصم العربية توفر لنا وتدعم طباعة الكتاب اليمني ، فكتبي الأربعة طبعت منها ثلاثة في مصر وواحد في الإمارات ، ومن بينها ديوان شعر وَثّقَ لأيام الجمر في عدن ، تكرمت الهيئة المصرية العامة للكتاب.. مشكورة بطباعته وهو ديوان ” يوميات الرماد ”
ــ سؤال لي شخصي ..أمازال الحنين يعود بك إلى تونس ..أيام كنّا شبابا ولنا في الحياة ألف غاية ..، أتذكر دا الكاتب ..وصحبة الكتّاب والمثقفين ..أتذكر ؟
الحنين الى تونس يسكنني ، وقد وثقت لإقامتي فيها ، في مصنف أدبي بعنوان “أيام تونسية ” ، طبع في تونس برعاية كريمة من قبل الدكتور محمد البدوي في عام 2014 ، وأجدها مناسبة ان أشكره من اعماقي متمنيا له الصحة الدائمة ، وقد مهدت لهذا الكتاب بمقدمة تجيب على هذا السؤال ومنها :
” يحاول البعض أثناء الكتابة عن الأماكن التي زاروها والناس الذين عاشوا معهم ، ادعاء الموضوعية في الوصف والنقل لكنني أعلن من السطور الأولى بأنني لست من هؤلاء .”
” و من الصعب أن تكتب عن مدينة كتونس وبلاد كتونس وبشر كالتونسيين دون أن تقع في فخ التحيّز والهوى ,، وهو الفخ الذي وقع فيه كاتب هذه اليوميات ، بمحض إرادته ، إنه فخ الهوى المختار الذي وقعت فيه منذ الأيام الأولى لإقامتي في تونس لأكثر من أربعة أعوام تقريباً …. في مطلع تسعينات القرن الفارط ، تونس الأم الرؤوم التي تعرفت فيها وتتلمذت إلى نخبة من المثقفين والأكاديميين والشعراء..يضيق المجال هنا لذكرهم ، وفي ختام هذا الحوار السريع اشكرك كثيرا اخي أن أتحتَ لي هذه الفرصة لأطل من خلالها على متابعيك في موقع ” أثير “..
كانت ..عدن ..ستعود عدن ……..