عمانيات

أسلوب الحوار الفعال الذي اتخذه الأنبياء مع أقوامهم

أسلوب الحوار الفعال الذي اتخذه الأنبياء مع أقوامهم
أسلوب الحوار الفعال الذي اتخذه الأنبياء مع أقوامهم أسلوب الحوار الفعال الذي اتخذه الأنبياء مع أقوامهم

 

مرام سعيد أبو عشيبة – ماجستير في تفسير القرآن الكريم، كاتبة وباحثة

 

اجتهد الأنبياء عليهم –الصلاة والسلام- في استمالة قلوب أقوامهم ومشاعرهم وكل خلجاتهم مع حرصهم القوي والدائم على عدم قطع أواصر الصلة بينهم وبين أقوامهم، فنوح، وهود، وصالح، ولوط، وإبراهيم،وموسى،وشعيب،ويونس،ويحي،وزكريا،وسليمان، وداود،وأيوب،ومحمد كلهم -عليهم الصلاة والسلام-اعتمدوا طريقاً للحوار المفتوح بينهم وبين أقوامهم متخذين استراتيجية ذات قواعد بناءة قائمة على التدرج في الحوار والتدرج في الحديث عن آيات الله ، وإقامة الأدلة ، والأساليب المنطقية، والعقلية لاستمالة عقول أقوامهم، فهم يدخلون إلى نفوسهم وقلوبهم عن طريق دراسة شخصيات أقوامهم وما يعبدون من دون الله فهم يشدون مئزرهم بالتوكل على الله ، فلا بد من دراسة الشخصية المتحاورة سواء أكانت ضمن أبعاد نفسية أم عقدية أم مجتمعية بيئية، فكل ذلك يسمو بأسلوب الحوار الذي يكشف الأحداث والوقائع.

 

إن الأنبياء -عليهم السلام- قد دعوا إلى قاعدة واحدة وهي عبادة الله وحده مع استخدام لفظ النداء مع كلمة قوم بقولهم: “يا قوم”  التي توحي بالرقة، والانسجام والترابط القومي، والتآلف الذي يسعى إليه أنبياء الله ؛لجذب القلوب والعقول للإشعار بأن هناك أمراً مهما لا بد وأن يقال، قال تعالى على لسان نوح: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}{الأعراف:59}

 

وقال تعالى على لسان هود: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} {الأعراف:65}

 

وقال تعالى على لسان صالح:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} {الأعراف:73}

 

وقال تعالى على لسان شعيب: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {الأعراف:85}

 

وانظر إلى أسلوب الحوار الراقي الذي اتخذه نوح –عليه السلام- مع قومه قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110)} {الشعراء}

 

فقد استخدم نوح-عليه السلام- كلمات محببة إلى النفس برفق وعطف،وهي: (رسول، أمين،التقوى، الطاعة) .

 

وتَلَمس أسلوب الحوار المغلف بحنان ورحمة إبراهيم -عليه السلام- بإشفاق وإحسان مع أبيه آزر باستخدامه أسلوب النداء المتناغم معه بقوله: “يا أبتِ” أربع مرات وكيف أنه استغفر لأبيه بقوله:{ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا }{مريم:47}.

 

وبالتركيز على أسلوب هود -عليه السلام-  مع قومه نرى أنه قد ساق الأدلة لقومه الدالة على رحمة الله بهم ، وما أنعم الله عليهم ، وخوفه عليهم من أن يصيبهم عذاب الله فقد تدرج في الحديث معهم عن ذلك قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135)}{الشعراء}

 

فكل هذه الأساليب التي اتخذها الأنبياء في الحوار مع أقوامهم تدل على الرقي والرقة واللين في استخدام ألفاظ محببة إلى النفس البشرية، فكل ما يسعى إليه الأنبياء هو الوفاق بينهم وبين أقوامهم حتى يعبدوا الله وحده لا شريك له؛ لتنهض أنفسهم بما هو خير لهم في الدنيا والآخرة.

 

*الصورة من الإنترنت

Your Page Title