أثير – تاريخ عمان
ولد السيد سلطان بن الإمام أحمد بن سعيد في الرستاق حوالي سنة 1755م ، وكانت أمه ابنة شيخ الجبور محمد بن ناصر الجبري السمائلي ، ومكث جل حياته قبل أن يحكم عمان بين أخواله الجبور في سمائل.كان السيد سلطان ذو هيبة ، يتميز بالطول، والوسامة، ويتصف بالشجاعة، والإقدام والحكمة التي ورثها من أبيه الإمام، ولديه طموح كبير لتولي السلطة، ولذا وجدناه من أكثر الأشخاص معارضة بعد موت أبيه لحكم أخيه الإمام سعيد الذي كان شاعرا ،وهو صاحب الأبيات المشهورة :
يامن هواه أعزّه وأذلّني كيف السبيل إلى وصالك دلّني
وتلك المعارضة تجلت بالأخص في نهاية عام 1783م إذ حاول قيادة معارضة لإسقاط حكم أخيه إلا أنه فشل بذلك، فهاجر إلى مكران في ظل حكم ابن الإمام القوي بهيبته وسياسته ومحبة الناس له السيد حمد بن سعيد الذي لم يدم طويلا بسبب وفاته بمرض الجدري في مسقط يوم الجمعة من عام 1792م ، وقد قال ابن رزيق واصفا مشهد وفاته وهو من عاصر هذه الواقعة ” وقد رأيت نعش حمد بن الإمام سعيد إلى القبر، وكنت يومئذ صغير السن لا أشيّع نعش الأموات، وقد مشى خلف نعشه عالم كثير من مسلم وذمي ، وما شهدت نعشا مشت خلفه الناس كما مشت خلف ذلك النعش “.
بعد وفاة السيد حمد ، انتهز عمه السيد سلطان الفرصة ليستميل القبائل والعلماء لدعم توجهه لحكم عمان بدل اخيه الإمام سعيد الذي فقد دعم الكثير رغم محاولاته الحثيثة لإنقاذ الموقف وعدم تمكين شقيقه سلطان للتفرد بالحكم . وبعد الكثير من الأحداث التي سعى لها السيد سلطان ، نال الحكم وسيطر على عمان وترسخ حكمه عن طريق طموحه ومثابرته على استغلال الفرص .
ولقد شهدت عمان في بداية عهد السيد سلطان استقرارا داخليا نسبيا إلا أنها تعرضت في أواخر حياته لأخطار خارجية كانت لها الأثر السلبي على الوضع الداخلي وبالأخص حينما بدأ المد السعودي ينتشر في الأرجاء، ويحاول السيطرة على بعض أجزاء عمان بعدما تحالفت معه بعض من مدن ساحل عمان المتصالح ( الإمارات حاليا).
الرحلة الأخيرة للسيد سلطان
كانت مدينة البصرة وهي تابعة للدولة العثمانية آنذاك ، تدفع مستحقات سنوية لعمان عرفانا من السلطان العثماني نتيجة مساهمة عمان بشكل مباشر في محاربة الفرس الذين احتلوا المدينة عام 1775م . غادر السيد سلطان عمان متجها للبصرة لزيارة المدينة واستلام المبلغ المقرر لعمان والبالغ 100 ألف قرش رومي في عام 1804م ، وفي طريق عودته من البصرة إلى مسقط، وتحديدا بالقرب من جزيرة باسيدو ، تخلى السيد سلطان عن الحذر ونزل من سفينته الكبيرة جنجافا ، وركب سفينة شراعية صغيرة مع بعض مرافقيه ، فلقيه مصادفة قرب وقت الفجر بعض من أفراد القواسم القاطنين في رأس الخيمة الذين كانوا يمارسون في تلك الفترة أعمال القرصنة في الخليج العربي ، واتفق الطرفان بعدم الإشتباك حتى الإنتهاء من صلاة الفجر ، وفي هذه الأثناء أشار عليه مرافقوه بالهرب من القارب، ولكنه رفض الهروب وترك أصحابه يواجهون تلك المعركة المرتقبة ، وبالفعل بعد صلاة الفجر نشبت المعركة بين الطرفين، وبعد كر وفر أصيب السيد سلطان رحمه الله بطلق ناري أودت بحياته مباشرة في الرابع عشر من نوفمبر من عام 1804م، واكتفى القواسم بقتل السيد سلطان وسلب كل ما أمكنهم من متاع وتركوا أصحابه على قيد الحياة، والذين غادروا متجهين إلى لنجة على الساحل الفارسي ليدفنوا سلطانهم هناك في مثواه الأخير.