فضاءات

٢٣ يوليو أكبر من أوراق تقويم الحائط

أثير – موسى الفرعي

الثالث والعشرون من يوليو المجيد، هو يوم أكبر من أوراق تقويم الحائط، وأكثر ثراء من دقائق اليوم وساعاته، لذلك هو ليس ذكرى بل حاضر متجدد ومتجذر في النفس، يعني الانتقال بالإنسان من يأس قاتل للأحلام إلى أمل مبرر الحياة والعيش بأجمل أسبابها.

الثالث والعشرون من يوليو يوم وقف فيه جلالة السلطان على الزاوية الأكثر اخضرارا ومباركة على هذا الكوكب فرأى أبعد من حدود ما يمكن أن يرى ببصيرة نيرة وسعي فذ من أجل الإنسان.

إن حسه الأبوي ولد لديه مبكرا فكان أبا للطفل والمرأة والشيخ، ونذر العمر من أجلهم، من أجل أن يمنح الإنسان فرصة لعيش كرامته الإنسانية دون خوف من اجترار الماضي، وإن استدعته الذاكرة فذلك كي نحمد الله على ما هو كائن، ودون خوف من الغد فما نعيشه بفضل الله يؤسس لإنسان يعرف كيف يؤمِّن يومه كي يحيا غده ويرسم أرضا ثابتة من القيم والقناعات التي يعيشها كأهم عناصر مكونات الحياة لديه.

هنا يهديني الله – وهو الكرم المطلق – قدرا جميلا وهو أن أكون في هذا اليوم العظيم في هذه الزوايا التي شعّ منها ميلاد نور مبارك أراده الله لهذه الأرض الطيبة.

الحصن، الحافة،البليد، الدهاريز شرقاً الى عوقد غرباً وصلالة وغيرها من المدن والحواضر التي شهدت ميلاد النهضة المباركة ونموها إلى أن غدت عملاقا لا يخفى إلا على من أخذ الله بصره وبصيرته، هنا حيث المدرسة السعيدية والمسارات التي سلكها جلالة السلطان الى دروس العلم،والتنوّر، هنا صنع ذكرياته الأولى ومن هنا راح يزرع خطاه أشجار أمل للمكان والإنسان.

إن أرضا هي عمان أرض ينبغي أن نحافظ عليها حتى الرمق الأخير وقد خصنا الله بتاريخها وجينات سلام ومحبة تجري في الشرايين من جيل إلى جيل.

ورجل هو الوالد القائد الذي شعّت حكمته وإشراقته لتنير الدرب وترسم لنا سبيلا إلى الاستقرار النفسي والاجتماعي، فكان لنا طوق نجاة من ظلمات الجهل والمرض واليأس هو رجل يستحق أن يكون نسبا حين تتفاخر الأمم وثقافة حين يعتقد فرد ما أن الثقافة تقاس برفوف مكتبته فقط.

اليوم هو احتفال الأرض والإنسان، ويوم يتجرد من حساباته ويتفرد في كونه صلاة شكر دائمة لله عز وجل، أن منحنا فرصة الحياة في عصر بطل يقرأ الآخرون بعضا منه في الأساطير وأما نحن نعيشه واقعا عذبا منذ ستة وأربعين عاما.

كل عام وعمان سيدة الأرض والأكثر إقناعا وفتنة على هذا الكوكب الأخضر

كل عام وأبونا مغتسل بالصحة والعافية ومحاط بالعناية الإلهية أنى كان، ومضاء بإنسانيته العالية ومناقبه العليا

كل عام والإنسان العماني يحتضن نبله وكرمه ويتوسد الطمأنينة والسلام كل مساء

كل عام ونحن نحيا كل دقيقة من أعمارنا كما يليق بأن نعيش

Your Page Title