فضاءات

د.نسيمة المشيخية تكتب: شكرًا معلمنا الأول

د.نسيمة المشيخية تكتب: شكرًا معلمنا الأول
د.نسيمة المشيخية تكتب: شكرًا معلمنا الأول د.نسيمة المشيخية تكتب: شكرًا معلمنا الأول

 

د. نسيمة بنت محمد المشيخية- مشرف أول توجيه مهني بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار

تحتفل السلطنة اليوم بيوم المعلم العماني الذي يصادف الرابع والعشرين من شهر فبراير من كل عام، ويعود تاريخ وجود هذا اليوم إلى اليوم الخامس من شهر أكتوبر عام 1994م، ليكون يوما لإحياء ذكرى، وتوقيع توصيةٍ ذات طابعٍ مشتركٍ صادرٍ من قبل منظمة العمل الدوليّة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المعروفة باليونسكو، وتحتوي هذه التوصية على سلسلةٍ من البنود فيما يخصّ وضع المعلم بشكلٍ عام، ويأتي هذا الاحتفال السنوي تأكيدا على الدور الفاعل للمعلم في العملية التعليمية باعتباره المحرك الأساسي في هذه المنظومة، والقادر على غرس قيم المواطنة والتسامح وخدمة المجتمع في نفوس طلابه، وتوجيههم نحو الطريق القويم.

فالمعلم هو الذي يسمو بأرواح طلابه لتعانق عنان السماء فبه يتغذى العقل على المعرف لتطمئن الروح فيزيل الشك والريبة عن طلابه ويرفع عنهم غشاوة الجهل ليبصروا بعقولهم فيسيروا في طريق الحق وعلى قلوبهم السكينة يصدعون بالحق لا تغيرهم الظروف والأحوال ولا تحركهم أمواج الفتن.

فأساس قيام الحضارات ونهضة المجتمع هو وجود المعلم الصالح الذي لا يمل من تعليم الأجيال ونشر العلم؛ فهو ينشئ جيلا قويا مقاوما للباطل ومتصديا للشبهات القوية التي تواجه المجتمع؛ مما يساعد في بقاء الأمة متماسكة ومستمرة في العطاء والتطور، ففضل المعلم على المتعلم كفضل الرسل على سائر الناس فهو يميط الجهل عنهم ليبصروا بقلوبهم الحق فيزدادوا إيمانا بخالقهم وتمسكا بدينهم ، ولا يخفى على أحدٍ أهميّة العلم واكتسابه في حياة الإنسانِ؛ إذ إنّه نورٌ يُضيء ظُلمة الجهل، وهو أصلُ الأشياء ومفتاحُ تحرير العقول من الأوهام والقيود، كما يُعدّ مُحرّكا لمسيرة النهضة وعجلة التغيير.

ومما لا شك فيه أنه من عاصر بدايات التعليم في السلطنة منذ بزوغ فجر النهضة المباركة على هذا البلد العزيز بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ طيب الله ثراه ـ يدرك تماما كيف كان التعليم في الماضي، وكيف كانت بداية انطلاقته، فقد أشرقت شمس العلم على عمان عندما تسلم صاحب الجلالة الحكم في البلاد في يوليو المجيد 1970 ، حيث اعتبر صاحب الجلالة نشر التعليم و تعميمه بالبلاد من أهم الأهداف الحيوية للنهضة المباركة ، فقال جلالة السلطان – طيب الله ثراه – في بداية مسيرة النهضة ” كان التعليم أهم ما يشغل بالي … و رأينا أنه لا بد من توجيه الجهود الأولى إلى نشر التعليم “، وفي حديث آخر يقول فيه : ” إننا نولي التعليم جل اهتمامنا ونسعى لتطويره وتحسينه ورفع مستواه وتحديث المعارف وتعميقها وإثرائها وتكييفها مع عالم دائم التغيير انطلاقا من الأهمية التي توليها السلطنة لتنمية الموارد البشرية وترسيخ منهج التفكير العلمي وتكوين أجيال متعلمة تشارك في عملية التنمية وتتعامل مع المتغيرات والمستجدات المحلية والعالمية بكل كفاءة واقتدار ”

فقد شهد قطاع التعليم بعد بزوغ فجر النهضة نقلة نوعية و كمية ضخمة باعتباره أساسًا لبناء المواطن العماني وخلق جيل مؤمن قادر على تحمل المسؤولية في البناء الوطني من جانب و مواكبة التحول المطرد في الحياة العصرية من جانب آخر يكفي أن نعلم أن الفلسفة الأساسية لبداية انطلاق المسيرة التربوية تمثلت في مقولة جلالته – طيب الله ثراه – الراسخة في أذهان كافة العمانيين ألا وهي :”سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة” ومن هذا المنطلق وفي ظل ما وصلت مسيرة التعليم في السلطنة من تطور، وما حظيت به التجربة العمانية التعليمية من إشادات دولية بوصفها إياه بأنه نموذجا دوليا ناجحا يستحق أن يحتذى به؛ وإذا كان التعليم في السلطنة قد وصل إلى هذه المكانة بفضل استلهامه للفكر التربوي لجلالته المعلم الأول ـ طيب الله ثراه ـ

وعند الحديث عن رؤية المعلم الأول حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ فقد كان قائدًا عالميًا أولى اهتمامًا كبيرًا برفاهية شعبه وتنمية بلده وعلاقته بالعالم، وعبر عن هذا الأمر بشكلٍ جلي في خطابه عام 2007 حيث قال: ” نحن نعمل من أجل البناء والتنمية في الداخل، ومن أجل الصداقة، والسلام، والعدالة، والوئام، والتعايش، والتفاهم، والحوار البناء الإيجابي في الخارج. هكذا بدأنا، وهكذا نحن اليوم، وبإذن الله، هكذا سنستمر”.

” وبين الأمس واليوم في مسيرة التعليم ألف قصة وقصة يمكن أن تحكى للأجيال ، وأن يتعرف إليها الأبناء ، ويستفاد من عبرها وتحدياتها في بلد يعد موطنا للعلم والثقافة والحضارة والتاريخ ، في بلد يتعطش للمعرفة وهو الإرث الذي راهن عليه السلطان الراحل ، كونه يدرك أن ذلك لا يمكن أن يكون بالأماني ، فعمان التي أسهمت في الحضارة الإنسانية وأنارت دروب المعرفة خلال القرون الماضية عبر تلك الشخصيات التي استطاعت أن تكون منارات في شتى المعارف في الأدب والعلوم البحرية والفلكية والجغرافية والثقافية والدينية والسياسية ، قادرة على أن تنهض مرة أخرى ، وتستعيد قدرتها على التفاعل مع العالم ، وتستعيد مراتب التنوير بين الأمم فكان التعليم هو البوابة الكبيرة التي يمكن العبور منها إلى العالم”.

والدنا الحبيب ملهمنا ومعلمنا الأول جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراك وأسكنك فسيح جناته، نؤكد لك أن شعبك سوف يواصل مسيرة التعليم في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم ـ حفظه الله ورعاه.

وختامًا أعبر عن فخري لحديثي في هذا اليوم المميز عن قائد ومعلم حقيقي خلَّد التاريخ اسمه، فشكرا لك على كل ما فعلته من أجل التعليم والإنسانية وشكرا لكل معلمٍ بنى بسواعدٍ من نور هذا الوطن الغالي.

Your Page Title