الدوحة-أثير
تطأ أرض الشقيقة قطر فترى أمامك دولة استعدت لـ 100 عام قادمة، وتتجول في طرقاتها وشوارعها ومبانيها فتتأكد بأن أهلها “جاءوا بما لم تأتِ به الأوائلُ”، وعندما تجلس في أسواقها الشعبية تفوح لك رائحة الماضي العريق الذي استفاد منه القطريون فوثّقوه، وجعوا منه منطلقًا لحاضر مُبهِر ومستقبل لا يمكن أن يكون إلا مشرقًا.
يومان من “الانبهار” عشناهما ونحن نلبي دعوة كريمة من هيئة قطر للسياحة، التي كشف برنامجها الحافل بالزيارات جانبًا من جوانب الإيمان بالسياحة واستثمارها، والاستفادة من المقومات الطبيعية في إيجاد مناشط وفعاليات تجذب القاصي والداني؛ فالرمال الذهبية تجذبك إلى منتجع أوتبوست البراري القابع وسط صحراء تعيش فيها حياة هادئة وهانئة بعيدًا عن الصخب، تُسامرك النجوم في الليل، وتصحبك أشعة الشمس لتُدفئك في نهار شتوي لا تحس فيه بالحرارة أبدًا، وإنما بمتعة لا حدود لها مع الفعاليات والمناشط المتنوعة، وإذا أردت استنهاض روح المغامرة داخلك فإن “الطعوس” تستقبلك بكثبانها العالية التي إما أن تتمرّغ فيها بمركبتك أو تطل عليها بطائرة نفّاثة تمنحك شعورًا استثنائيًا.
وعندما تقترب الشمس من مغربها يتسابق سوق واقف، والوسيل، وجزيرة المها، وكتارا ومشيرب وغيرها من المعالم الكثير في اجتذاب الناس، الذين يفدون إليها فرادى أو مع عوائلهم، حتى أن البعض منها لا تجد فيها كرسيًا للجلوس، فكل زاوية من زواياها تحكي قصة مختلفة، وتروي حكاية لها مستمعوها وعشّاقها، ليبقى ليل قطر سامرًا حتى الفجر، بأجواء شتوية مميزة تجذب الصغار والكبار.
وإن أردت أن تقرأ التاريخ، وتتفحّص مساراته بعيدًا عن الكتب والتأويل؛ فإن متحف قطر الوطني الآسر في تصميمه ومحتوياته يأخذك في “بساط سحري”، تمر عبره على أمم سابقة، ومحطات فارقة في تاريخ المنطقة، لتتأكد بأن الدرب نحو المجد لم يكن مفروشًا بالورد، وإنما بتحديات كبيرة استطاع الإنسان القطري أن يطوّعها لأجله، ويستثمرها لأجياله، ويضحي بالكثير في سبيل أن يصبح الحاضر اليوم بهيًا ومتفردًا.
إن ما يتميز به الأشقاء القطريون هو شغفهم للإنجاز، وتميزهم بالجودة، وتطلعهم الدائم إلى المقدمة، وهذا ما تلمسه جليًا وأنت تتنقّل في أرجاء قطر، وما تتيقن منه وأنت تخرج من معلم إلى آخر، وما تستنطقه وأنت تتجول في المزارات التاريخية والسياحية؛ ليكون عنوان كل ذلك الإنسان القطري الذي تسبقه ابتسامته في الترحاب بضيوفه، ويسابقه كرمه في احتضان السياح من مختلف الجنسيات والشعوب.
وصحيح أن يومين لم تكن كافيتين للإحاطة بكل ما تتميز به الشقيقة قطر؛ إلا أنهما أعطتنا مؤشرًا على التخطيط المُتقن للمستقبل من عقول آمنت بأنها قادرة على الإبداع، وتقديم تجربة سياحية يحق بأن يُقال عنها “مميزة”، وأكاد أجزم بأن من يزور قطر سيسطّر قلمه أكثر من هذه الكلمات المتواضعة.
بقلم: مدير التحرير
